حسمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية موضوع النزاعات العشائرية , وربطت المجتمع كله بالقانون .. أما نحن من الأقوى عندنا في العراق بعد أن رفعت الحكومة الراية البيضاء وأصبحت لا تستطيع أن تحمي نفسها ومؤسساتها.. المعروف أن الذي يردع الناس ثلاثة , الأول الدين والثاني العرف والثالث قوة القانون , اليوم من هي الجهة الأقوى ..؟ولماذا بدل العراقيون دينهم بالسنينة .؟ هل الدين لا يلبي حاجات المجتمع , أو إن السنينة والعرف أصبح مرغوبا أكثر من القران , وأصبحت القصص التي تتصدر الفصل العشائري تبوب بآية لا قيمة لها في نفس قائلها , فيقولها ويعارضها جملة وتفصيلا .
لماذا تراجعت الأحكام الدينية من النفوس , وحلت بدلها أحكام السنية ..؟ ولماذا أصبح المجتمع المدني العراقي عشائريا في قالب لا يمكنه الإفلات منه ..؟ أسئلة كثيرة تدور في بالنا ونحن ننحدر نحو هاوية شريعة الغاب .. ولا نجد من يقف أمام ظاهرة الفصول والكوامة ..! قبل خمسين عاما شن رجال الدين والمثقفون حملة كبيرة ضد ارتفاع المهور , وحققت الحملة أهدافها كثيرا . ولكن الآن لا نجد من يتصدى للتراجع الشرعي والمدني . وأصبح اسم { حضري } عارا ومنقصة . وضحكت كثيرا من ألمي حين سمعت إن طبيبين من كبار أطباء البصرة المعروفين على مستوى قارة آسيا , اختلفا في مصلحة معينة ورفعا أمرهما للعشائر والكوامة وجلسات الفصول .. يا سلام على هذا المجتمع الفاضل .
أتذكر قبل فترة دعيت إلى عقد زواج لعروسين , وبعد إتمام المقدمات شرعت بتلاوة { النص الشرعي في قبول الزوج أن يقبل الزواج من فلانة على مهر معجلة كذا ومؤخره كذا } فاعترض شيخ عشيرة الزوج , وقال لا يمكن أن يتم العقد إلا بعد أن نطيح قسما من المبلغ , وحين رفضت الفكرة لان الاتفاق مع الزوجة تم على هذا الأساس , قال جناب الشيخ , إذن أنا وإياك كوم .ترى كيف سيكون القانون بعد 50 عام إذا بقي هذا الانحدار .. وبأي شريعة نقتنع .. ؟