تمتلك كلمة ديموقراطية في عالم اليوم قداسة تفوق جميع الكتب المقدسة ، انها الكلمة الاكثر شعبية في العالم على الاطلاق ، نظريا لايوجد من يعادي هذه الفكرة ويبقى كارل ماركس الوحيد الذي دعى الى نظام متضاد معها ، حتى الانظمة الديكتاتورية تدفع عن نفسها تهمة الديكتاتورية وبعضها يصل الى السلطة عبر الديموقراطية نفسها ، ان الفرائص ترتعد عندما يتلقى احدهم تهمة انه ليس ديموقراطيا ، انها معيار الخير في كوكب الارض اليوم ولا من احد في ذهنه ذرة شك من انها النظام المثالي الذي تنشده البشرية المتحضرة ، ان دماء البشر تسفك كالانهار في المعركة من اجل بناء الديموقراطية.
شخص مغمور تماما كما انا اول من يقف على خطورة وشرانية الديموقراطية حيثلاادعو الى مقاومتها بل الاخذ بها ريثما يجد البشر نظاما اكثر امانا منها.
ان نظام تداول السلطة هو اعظم التحولات في حياة البشر وهو يعادل ظهور المكتشفات التاسيسية كالزراعة والكتابة والاديان والماكنة والكهرباء وال جي بي اس وكذا الدولة والنظام التعليمي والصحي انماللاسف فان تداول السلطة هذا جاء عبر نظام اخطر بكثير من بقاء السلطة مركزة بيد الملوك والاباطرة والانبياء ورجال الدين والرؤساء الرؤوس.
حسنا هذه هي الفكرة المراد ايصالها.
العمر التطبيقي للنظام الديموقراطي لايجاوزالمئتي سنة واذا قيست هذه المدة من الزمن بعمر البشر على الارض تكون اشبه بومضة واذا كانت الانظمة التي حكمت البشر قد تم معرفة نتائجها فان النظام الديموقراطي غير مختبر النتائج بعد انها اشبه بدواء يعالج مرضا مع مضاعفات غير قابلة للرصد الا بعد زمن لاحق.
نتذكر هنا البيض الثلاثة التي اعتقدت البشرية انها جزء من مسراتها
الملح
السكر
الهيرويين
كم يبدو الطعام لذيذا مع الملح وكم هو حلو السكر واي نشوة يبثها الهيرويين لكنها طبيا مصنفة على انها سموما بيضاء ولعل مستخلص السكر الرائج في حياتنا هو المسؤول عن هشاشة وضعنا الصحي امام مرض السكري ثم قصر اعمار ملايين البشر هكذا هي الديموقراطية تبدو بيضاء ناصعة لكنها شيطان ابيض مسؤولة ليس عن حفر انهار من الدم في العراق والكثير من بلدان الارض بل انها تعمل على تدمير المجتمعات الطبيعية وتذوب الاعراق النادرة.
قلة لاحظوا ان الديموقراطية مررت الى حياة البشر انظمة في منتهى الشر وسيدت انماطا من العيش ماكان البشر ليرضاها بفطرته كما انها تضمن لمن يحصل على الاصوات الوصول الى الحكم بغض النظر عن مدى اخلاقياته العامة والامثلة مبسوطة بالمئات.
اعجبت النخب واي نخب في الشرق بالمجتمعات الغربية فخلطت بين الديموقراطية والنظام الاجتماعي وخلصت الى ان تقدم الغرب مرده الى الديموقراطية وهذا اسوء فهم يستنتجه المرء فالمجتمعات الغربية يعود تطورها التقني والمادي ليس الى الديموقراطية بل الى نضوج العقل الاوروبي نتيجة تفوق جيني تقف وراءه عوامل بيئية ملائمة ككثرة الامطار ووجود النبات ووفرة الاوكسجين الذي ينتج مخا متطورا وجسدا قويا والا لو ان الانسان الاوروبي وضع في السعودية وتحديدا بالدرعية لما انتج غير الوهابية ولما انشغل بغير الجن والرقية الشرعية واحسن الحالات هيئة المطاوعة.
ان كلمة شيف في الغرب اي مسؤول العمل او ربه تعادل كلمة سيف اما كلمة بوليس فتفوق في رنينها كلمة رب الكون ، ان الديموقراطية في جوهرها لاتقدم امانا للبشر بل تغرقهم بالخوف لذلك تجد الخوف كامنا بزوايا الحياة الغربية وان كتم الانسان الغربي شعوره المرير بذلك.
ان انتخاب حكومة لايعني الا بحدود ضيقة جدا قدرة البشر على الانتخاب وحتى هذه المساحة تجعل من الانسان رهينة لحكومة انتخبها تلعب به كيفما تشاء.
ان انماطا من العيش مثل زواج الرجال من الرجال وزواج النسوان من النسوان مع تحفظنا على كلمة زواج وعبودية العمل وتجارة الجنس وتجارة الاسلحة والحروب كلها بنات للديموقراطية ، اليس انا القائل ان اعظم الديموقراطيات تنتج اعظم الاسلحة ، واضيف ان اكثر البلدان انتاجا للالغام هي البلدان الديموقراطية التي تكون عادة في مقدمة الداعين لابرام معاهدات لحظر الالغام.
ازدهرت المراكز الحضرية للمايا والسومريين والبابليين والصينيين واليابانيين والرومان والعرب والفرس والجرمان تحت حكم سلطات مركزية ولولا مركزية الحكم الاسلامي لما تحول العرب الى امة وجزيرتهم الى دولة.
الديموقراطية خرجت للحرب باكثر مما خرجت فيه المركزية.
كسرت الديموقراطية الحواجز العرقية بين الشعوب والحواجز الدينية وبقدر مايعد هذا نوعا من الخير في وجه فان له وجها شريرا.
وجدت الديموقراطية في الشركة والنظام الراسمالي حليفين مارتب على حياة الانسان مساوئ الشركات والراسماليةاللتيلايهمها سوى الربح.
تحت اغراء الديموقراطية فتحت المجتمعات المحلية ابوابها وفقدت الكثير من خصوصيتها واضطربت هويتها.
ان اخر مايناسب العراق مثلا هو النظام الديموقراطي فوحدات المجتمع كلها قائمة على المركزية من العائلة الى الدين الى القبيلة الى الثقافة المتاصلة التي من المحال تعديلها ولاادري من الذي اقنع العراقيين بامكانية بناء نظام ديموقراطي في مجتمع يوجد فيه ملايين من شيوخ القبائل وشيوخ الدين ورؤساء العوائل وقادة دينيين بامكان احدهم قلب الدولة راسا على عقب بحركة خاتم وليس اصبع؟
اعتقد ان وظيفة النخب طرح الاسئلة حول مدى ملائمة الديموقراطية لمعايير المجتمع العراقي.