23 ديسمبر، 2024 12:26 ص

الديمقراطية و التعليم – 1

الديمقراطية و التعليم – 1

لايمكن لاي مجتمع أن يكون دمقراطيا يؤمن بالحريات الخاصة والعامة وحقوق الانسان ويتشبث بمنطق الاختلاف وشرعية الحوار والتسامح الا إذا تربى على الديمقراطية الحقيقية سلوكا وعملا وتطبيقا، ولا يتأتى له ذلك إلا في المدرسة التي تعلّم النشء مبادئ الديمقراطية السليمة وقوانين استعمالها ومعايير تطبيقها.
فبالتربية يتعلم أفراد المجتمع مباديء الديمقراطية، ولكن أي تربية يجب أن تطبقها المنظومة التعليمية كي تغرز في نفوس الاطفال و الطلاب مباديء الديمقراطية الحقيقية كي تبقى تلك المباديء منهج و سلوك حياة بعد المدرسة؟
المقصود بالديمقراطية الحقيقية هي الديمقراطية التي تؤدي إلى الاستقرار السياسي و الامن المجتمعي و توفير الحريات الحقيقية و تقليل مستوى الفساد و يتبعها تقليل نسبة الفقر والمجاعة من خلال أزدهار الاقتصاد وصولا الى تحقيق المساواة بين الأفراد وحماية حقوقهم و حرياتهم من خلال توسيع الانشطة الرقابية و القضاء العادل.
يلعب التعليم دورا رئيسيا في غرز هذه المفاهيم في عقول الاطفال وتحولّها الى سلوك يمارسونه في حياتهم اليومية خارج المدارس و المؤسسات التعليمية بحيث ينعكس هذا السلوك على علاقاتهم الاسرية و المجتمعية.
ونظراً لأهمية التعليم تتفق جميع مبادرات الإصلاح والتغيير على إصلاح النظام التعليمي وإعطائه أولوية على ما دونه من قطاعات.
وحسب نظرية االفيلسوف و المفكر التربوي الامريكي الشهير جون ديوي(1859-1952) وهو أحد أهم مفكري التربية الحديثة فأن دور المدرسة يتلخص في:
تبسيط وترتيب عناصر ميول الطفل التي يراد إنماؤها
تطهير المتعلم من العادات الاجتماعية المذمومة وتهذيبه
تحقيق الانفتاح المتوازن للناشئين كي يعيشوا في بيئة مصغرة فيها مشاركة وتآلف وتكاتف ،المدرسة عند ديوي بيئة ديمقراطية تسعى لإيجاد المواطن الديمقراطي والتربية عملية دائمة للفرد ليساهم في بناء المجتمع مع مراعاة الفروق الفردية في التدريس ووضع المنهج الدراسي.
في كتابه ( الديمقراطية والتربية) دافع ديوي عن مجتمع ديمقراطي تتوازن فيه قيمة الفرد وقيمة الجماعة، والجماعة النموذجية هي التي تتصف بالمرونة التي تساعد على نمو شامل للفرد لا رضوخه لسلطة مطلقة، باسم مصلحة المؤسسة تارة أو باسم السياسة العليا تارة أخرى، وقال: إنه لا تتم تغذية القدرات الاجتماعية والفردية عند الأطفال إلا في ظل مجتمع ديمقراطي، واعتبر أن المجتمع الديمقراطي لا يمكن أن يتحقق في ظل سلطة تمارس التمييز والتفرقة بين الناس بأسم الدين أو الطائفةأو الانتماء العرقي.
الجزء القادم سيتضمن أمثلة و قصصا حقيقية تعكس تأثير تطبيق مباديء الديمقراطية داخل المؤسسات التعليمية على سلوك الافراد داخل و خارج تلك المؤسسات و تأثيرها على المجتمع.