11 أبريل، 2024 12:58 م
Search
Close this search box.

الديمقراطية تاج الثقافة

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد أن ظهر الضعف في الإمبراطوريّة الرومانية وانتشار الفساد فيها تجرّأت القبائل عليها لإحتلالها، و كانت أول القبائل هم القبائل الجرمانية، و الذين أُطلق عليهم إسم البرابرة فاحتلوا الأجزاء الشمالية منها، كما سيطر القوط على إسبانيا و إيطاليا، و السكسون على بريطانيا، و الفرانكيون على فرنسا. و قسمت أراضي الإمبراطورية إلى إقطاعيات كبيرة من الأراضي كانت تسمّى بالضِياع. و بإنهيار الإمبراطورية الرومانية دخلت أوربا مرحلة العصور الوسطى المظلمة، و سميت هذه الفترة بالمظلمة لأن مستوى التعليم والثقافة كان في غاية الانحطاط و كانت الكثير من معتقدات الناس تعتمد على الأساطير و الروايات الخيالية و الخرافات. و إنقسم المجتمع الأوروبي إلى ثلاث طبقات رجال الدين و طبقة مُلاك الأراضي و الطبقة الأدنى طبقة الفلاحين والعمّال. مارس ملّاك الأراضي أسوأ أشكال الظلم والتسلّط على الفلاحين والعمال الذين أصبحوا عبيداً لهم. و لقد أقام الإقطاعيون طبقة الفرسان لحماية مصالحهم وتحصيل أموالهم، و مع إزدياد ظلم النظام الإقطاعي أخذ الناس يلجئون إلى الكنيسة لتخلّصهم من ظلم أصحاب الأراضي، و أصبحت الكنيسة القوة الوحيدة التي تربط أجزاء أوروبا، و كان البابا يمثل أكبر سلطة، إذ يمتلك السلطة الدينية و الدنيوية. عاشت أوروبا في ظل القوانين الدينية التي تفرضها الكنيسة و مارس القساوسة السلطة على الشعب. و نتيجة هذا التسلط الدكتاتوري إنتشر الفساد في الكنائس و الأديرة و قام رجال الدين ببيع أراضي في الجنة مقابل صكوك سميت بصكوك الغفران و كلما كان المبلغ المدفوع أكثر كبرت المساحة في الجنة. و هذا الفساد مهّد لحالات تمرد على تعاليم البابا و ظهور المصلحين الذين ترجموا الإنجيل إلى اللغات المحلية بدلا ً من اللغة اللاتينيّة التي كانت اللغة الوحيدة التي سمحت الكنيسة الرومانية باستخدامها لقراءة الكتاب المقدس، مما ساهم بشكل كبير فى توصيل الإنجيل للناس بلغتهم الأصلية و هذا أثر بشكل كبير على ثقافة الشعوب الأوربية عموما ً. و من أشهر هؤلاء المصلحين الأوربيين مارتن لوثر (1483 – 1546)، رجل دين و أستاذ لاهوت ألماني، الذي قدم ترجمة خاصة به للكتاب المقدس بلغته المحليّة الألمانية بدلا ً من اللغة اللاتينيّة.
و بفضل هذه الجهود و نحوها تعرفت الشعوب الأوربية على جوهر دينها فجعلتها تتحرر من تبعيتها لخزعبلات رجال الدين، الذين كانوا يستخدمون هذه الخزعبلات لإستعباد الناس من أجل إشباع ملذاتهم الشخصية، و من ثم الإنطلاق في عالم الثقافة. و بإزدياد الوعي الثقافي للشعوب الأوربية و حدوث النهضة الصناعية وجدوا بأن المشاركة في الحكم أفضل وسيلة للعيش الكريم و ذلك بإنتخاب من يمثلهم في هيأة تقود الحكم في البلاد. و لقد وصل الحال في أوربا الآن أن أغلب الدول الأوربية جعلت لها برلمانا ً واحدا ً يضم عدد من البرلمانيين من كل دولة ليقود مجموعة الدول الأوربية لما فيه خير شعوبها.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب