تحتفل شعوب العالم في 15 أيلول من كل عام بيوم الديمقراطية العالمي الذي اعلنته الامم المتحدة ايذاناً بترسيخ مفهوم الديمقراطية في نفوس وضمائر الشعوب والحكام واحتفاءاً بكل الجهود التي بذلت طيلة مسيرة الانسان على الارض لنبذ العبودية والتسلط . كانت أثينا القديمة مهداً لنشوء اول ديمقراطية ، ولم تدم طويلاً حيث انتكست بعد خسارة اثينا الحرب مع اسبارطة وعودة الحاكم ( تراسبيولوس ) مع قلة من اتباعه فانظم اليه انصار الديمقراطية وبعد (5) اعوام عاثوا في الارض فساداً فكانت وصمة في جبين الديمقراطية ، ودفع الفيلسوف ( سقراط ) حياته ثمناً جراء معارضته ورفضه للدكتاتورية والتسلط والظلم والاستبداد ، وكان يحث الناس على الجدل والمناقشة والبحث وحرية الرأي والتعبير، مما زاد من استياء الحكام له ، وجرى تشكيل محكمة غريبة من نوعها تتكون من (565) قاضياً وجرى تنفيذ حكم الاعدام به في عام (399) قبل الميلاد . وطويت اول صفحة للديمقراطية في تاريخ البشرية . اليوم عندما نحتفل بـ (اليوم العالمي للديمقراطية ) نستذكر العالم ان حرية الانسان وكرامته لا تكتمل الا بتطبيق الديمقراطية وبناء الانظمة السياسية على نهجها ، بالرغم من اختلاف الاراء بطبيقها ، وهل هي مبدأ ام وسيلة او اداة لتحقيق الرفاهية والحكم الرشيد للشعوب ؟ . ان هذه الجدلية ستظل قائمة طالما يتم انتخاب بعض الفاسدين وتبوأ مراكز السلطة والقرار ، لذا لا يمكن اعتبارها مبدأ، فلو كانت مبدأ لما صعد هؤلاء ، وبالتالي اعتبارها وسيلة او اداة لحقيق الحكم الرشيد وتطوير الانظمة السياسية حتى لا تقترب من الدكتاتورية الرشيدة مثلما تمارسها بلدان عدة وتصنف على انها بلدان ديمقراطية مثل ( تركيا وايران والجزائر ) . ان هذا الوصف والذم للديمقراطية احياناً يثير غضب الديمقراطيين واللبراليين كي لا تُعطى فرصة لانظمة الحكم المتسلطة على رقاب الشعوب من النيل منها واعتبارها من افرازات الرأسمالية . جاء الاسلام ليجسد الديمقراطية في احلى صورها تارة يخاطب الانسان ويحثه ان لا يكون عبداً لغيره ، وتارة اخرى يحذر الانسان من ان يستعبد غيره . يقول الامام علي ( ع ) ( لا تكن عبداً لغيرك وقد جعلك الله حراً ) ويقول الخليفة عمر بن الخطاب (رض) ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً ) . لنجعل من يوم الديمقراطية العالمي مناراً للشعوب المضطهدة وعلاجاً لمشكلاتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وليس بديمقراطية مثقوبة تنالها الالسن باللعن والويل والثبور .