حكومتنا ديموقراطية الظاهر وديكتاتورية الباطن ؛ كلما أرتفعت أصوات الحق تظهر لها السيوف الحكومية لقطافها ؛ حين كانت التظاهرات لاتشكل خطرا على الخضراء قامت حكومتنا بتوزيع الماء البارد على المتظاهرين لتعكس الصورة الديموقراطية الحنونة على الشعب ؛ وحين قام المتظاهرون ” بالتمادي ” والإقتراب من جسر الحكم بدأ أزيز الرصاص فوق رؤوسهم ؛ حين رفع هادي المهدي صوته تم قطافه ؛ وكذلك الحال مع جلال الشحماني ؛ وحين تحدث الإعلامي عماد العبادي عن الفساد وسوء إدارة الدولة قطفوا رأسه بوابل من الرصاص لكن إرادة الله حالت دون وفاته
اليد التي تغتال الشرفاء لاتعمل لوحدها بل هنالك مافيات سياسية كبرى تحركها وتوجهها نحو الضحية المراد تصفيتها ؛ الآن علينا أن ندرك جيدا إننا نعيش تحت حكم الإغتيال المؤجل ولاندري متى يقرر صاحب المافية توجيه رصاصته على كل فرد من بيننا ؛ ملامح الديكتاتورية بدأت تتضح وتغطي على الديمقراطية لكن البعض منا لم يصل الى هذا الإدراك
كل يوم يختروا لنا رمزا ويطالبوننا بعدم الإقتراب منه وعلينا أن نصدق كذبة الخطوط الحمراء التي يرسمونها لنا ؛ المنطقة الخضراء ؛ ورجل الدين ورجل السياسة والحديث عن الفساد وعن سيئات الوضع الراهن كلها خطوط حمراء من تركها فهو آمن ومن تكلم عنها فهو آثم وإرهابي وخائن وعميل ؛ وهنالك العديد من الطرق المتبعة لإسكات الأصوات التي تحاول الإقتراب من تلك الخطوط الحمر أولها الإغراء بالإمتيازات مرورا بالتهديد والوعيد وإن لم ينتهوا فينهوا بالإغتيال الذي يسجل ضد مجهول !
مسكين من يراهن على تغيير الوضع نحو الأفضل ؛ لإن القوى المافيوية أصبحت أكبر من الشعب وأكبر من أي مصلح يمكن أن تنتجه قوى التغيير ؛ لاشك إن العبادي كان يريد الإصلاح لكنه إصطدم بالواقع المافيوي الذي إستطاع أن يسكته بسرعة فائقة بنفس الأساليب التي ذكرناها
وجه الحكومة الديموقراطي يدار بشكل سليم فهناك الإعلام و الآليات الديمقراطية متوفرة للجميع لكن الوجه الديكتاتوري الباطن يدار بحرفية عالية ولو فتشنا بكواليس المؤتمرات الصحفية والكافتريات والمجالس الخاصة لوجدنا هذا النوع بصورته الناصعة
الحكومة عملت طوقا على كافة مفاصل الحياة في العراق لم نستطع الهروب منه ؛ لقد عملت على شراء ذمم شيوخ العشائر عن طريق مايسمى بمجالس الإسناد إضافة الى توظيف العدد الهائل من المواطنين وهذا ماجعل الشعب لايفكر الا بالدعاء من أجل إطالة عمر الحكومة كي تسدد له مرتباته لذلك أصبح الجزء الأكبر من المواطنين أداة بيد الحكومة وأربابها وأحزابها والتعويل على هبة شعبية واحدة لتغيير الأوضاع هو ضرب من الخيال ؛ هذا لايعني إن كل الشعب أصبح عميلا للحكومة بل هنالك طبقة ناقمة من الأوضاع الحالية وهي موجودة في ساحات التظاهر الحالية لكنها مشتتة لاتعرف ماذا تريد وعليها الكثير من المآخذ وعلى رغم مساوئ هذه الطبقة الا إنها تمثل الصوت الحقيقي الرافض لخراب البلاد
تصفية العبادي جسديا أسهل من شرب الماء لدى الطبقة المتنفذة لكنها راجعت حساباتها وأدركت إن الوجه الديموقراطي الحسن هو أفضل طريق لديمومة المصالح والمكاسب وتحقيق الأهداف المراد تنفيذها ؛ وهي إستطاعت من خلال هذا الوجه البريء أن تقضي على التظاهرات وتمتص غضب الشارع ؛ الآن أمام العبادي كوجه مهمة إدارة الدولة كموظف مطيع ليس إلا في ظل العجز المالي الكبير وإنخفاض أسعار النفط مع شرط تمرير ماتريد تمريره .
[email protected]