في تاريخ العلاقات الدولية في الشرق الأوسط، لايمكن أن يخفي التاريخ المعاصر الدور المركزي للنظام الإيراني في تفعيل وشحن وتمويل ودعم الإرهاب في الكثير من محطاته طيلة العقود الأربعة المنصرمة من عمر المنطقة المعاصر، وكان للديبلوماسية الإيرانية الرسمية دور حافل ومركزي و مؤثر، وجميعنا يتذكر أزمة احتجاز الرهائن في سفارة الولايات المتحدة في طهران التي قام بها النواة الأولى للحرس الثوري ممثلا في الطلبة الثوريين أواخر العام 1979 وما تبع ذلك من أحداث ساخنة، كما لاينسى تاريخ الإرهاب الاقليمي والدولي الحديث ودور سفارات النظام في الخارج في إدارة وتمويل العمليات الإرهابية كما حصل مع سفارات عديدة وأبرزها سفارة طهران في الكويت في أوائل ثمانينات القرن الماضي، وخلال مرحلة الإرهاب الطائفي الإيراني الكبرى التي بدأت تحديدا العام 1981 ثم تواصت وتعززت أعوام 1983 و 1985 و1987 و1989، وماشهده الحرم المكي من أحداث وانفجارات تورط بها عدد من الحجاج الخليجيين، وبتنظيم من بعض السفارات الإيرانية في الخليج العام 1988.للتاريخ عيون وآذان ومخالب أيضا، تسجل بالصوت والصورة ممارسات وتاريخ الإرهاب المدعوم رسميا من قبل النظام الإيراني، وهو الملف المفتوح دوليا كما حصل في دعم للإرهاب في الأرجنتين أو بيروت أو الكويت أو غيرها، المهم انه بعد مصرع الإرهابي الدولي مصطفى بدر الدين في دمشق مؤخرا على أيدي المعارضة السورية المسلحة اهتزت أسس وأركان آلة الإرهاب الإيرانية في الشرق، فالرجل هو أحد أهم أدوات الإرهاب الإيراني في المنطقة، وتاريخه حافل بإنجازات بشعة تصب في خانة المصالح الإيرانية منذ بواكير الظهور الإرهابي لعصابة حزب اللات اللبناني المتحالفة أصلا مع التيارات الإيرانية العميلة في المنطقة وفي طليعتها حزب الدعوة العميل الذي كان له قصب السبق في تدشين الأعمال الإرهابية في دولة الكويت أواخر عام 1983 في الأحداث المعروفة في 12/12/1983 والتي اجتاحت الكويت وقتذاك وشكلت تحولا ملفتا للنظر في تصعيد الإرهاب.ففي ذلك اليوم الشتائي الساخن تمت مهاجمة السفارة الاميركية القديمة في بنيد القار بشاحنة يقودها انتحاري عراقي من حزب “الدعوة” العميل يدعى رعد مفتن عجيل اضافة لأربعة أهداف كويتية أخرى، وبتسهيلات لوجستية مباشرة من المخابرات السورية أيضا، وتمكنت سلطات الأمن الكويتية بمهارة من تحديد المجرمين وإعتقالهم، وكان من بينهم المدعو الياس فؤاد صعب وهو الاسم المزور للإرهابي النافق أخيرا مصطفى بدر الدين، مع آخرين وتم الحكم عليه في مارس العام 1984 بالإعدام شنقا، وقد شمل الحكم نفسه أيضا المتهم الهارب وقتذاك جمال جعفر محمد الذي عرف لاحقا باسم الإرهابي أبو مهدي المهندس، الذي نجح في الهروب لطهران والتواري هناك لسنوات طويلة محميا من سلطاتها، وضمن أفراد وصفوف حرسها الثوري، وهو اليوم بعد الغزو الاميركي للعراق يتحمل مسؤولية قيادة قوات الحشد الشعبي رغم سفكه لدماء المواطنين الكويتيين والاميركيين وأمام عيون القيادة العسكرية الاميركية وعناصر المخابرات الاميركية والدولية!الحكم ضد الياس فؤاد صعب أو مصطفى بدر الدين لم ينفذ ميدانيا طيلة ستة أعوام حتى جاء الغزو العراقي لدولة الكويت العام 1990 ليتمكن الإرهابي بدر الدين من الهروب والتوجه للسفارة الإيرانية التي سهلت مهمة تهريبه لإيران عن طريق العراق، ليعاد للبنان لاحقا في مهمة مخابراتية مركزة وغاية في السرية حتى جاء التدخل الإيراني في الشأن السوري وإشهار الحرب الإيرانية ضد الشعب السوري الثائر ليتم تفعيل العناصر العميلة القديمة والمباشرة بتنفيذ المخطط الرسمي الإمبراطوري الإرهابي الإيراني.لقد جاء مقتل بدر الدين في الشام ليصيب في مقتل جوهر المشروع الإيراني، فبعد مصرع قائده وزميله عماد مغنية الذي خطط طويلا لتحرير بدر الدين من يد العدالة الكويتية عن طريق تنفيذ أعمال إرهابية ابتزازية ضد الكويت كمحاولة اغتيال الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد العام 1985 ومسلسل خطف الطائرات “كاظمة 1985 والجابرية 1988? وأفعال إرهابية أخرى، في دمشق العام 2008.اعتمد الإيرانيون على بدر الدين في الخلافة، لذلك كانت صدمة النظام الإيراني عظمى في مصرعه تمثلت في تعزية رسمية تقدم بها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، رغم أن الصريع هو إرهابي دولي باشر قيادة وإدارة جرائم مباشرة ضد شعوب المنطقة، وضد الشعب الكويتي تحديدا، وهو ما يجعل الديبلوماسية الإيرانية متورطة رسميا وبشكل مباشر في دعم الإرهاب الدولي؟! وهي اشكالية حقيقية لنظام لايخجل أو يتردد في دعم الإرهاب رسميا وبصراحة، ولاشك أن جواد ظريف وهو يؤبن ذلك الإرهابي يعلم علم اليقين بملفاته السوداء وبكون مصرعه في الشام قد جاء نتيجة لجرائمه الإرهابية القذرة ضد الشعب السوري ضمن عصابات حزب اللات اللبناني في القصير والزبداني وأخيرا حلب!دعم ديبلوماسي ورسمي إيراني للإرهاب الدولي يوجه طعنة نجلاء للشعوب التي عانت وتعاني من تفشي إرهابهم الطائفي الأسود الرهيب، ولايزال الدعم مستمرا وبفضائحية عجيبة.