23 ديسمبر، 2024 2:08 ص

الدوگ مع توم وجيري..!؟

الدوگ مع توم وجيري..!؟

الظاهر ان الطبيعة العدائية، ما بين بعض الأشياء، لا يتحقق فيها الوئام والانسجام، حتى وان تظاهرت هذه الاشياء وتصنعّت بالوفاق، يوم ما، فسرعان ما ينكشف هذا التصنّع، وتعود الى طبيعتها وحقيقتها الاصلية في العداء.

أولادنا قطعة منا، نمرح معهم، نداعبهم ونلاعبهم، ونتزل لرغباتهم أحيانا، ونتصابى معهم أيضا، وهذا شيء جيد كما يقول علماء الأخلاق، فأنه يساعد الطفل في بناء شخصيته.

في أحد الأيام، كنت جالسا مع أبنائي، أشاهد معهم المسلسل الكارتوني الشهير( توم وجيري)، الذي يحبه الأطفال كثيرا، فرأيت حلقة من حلقاته، لم أرآها من قبل عندما كنت صغيرا مثلهم.

هذه الحلقة جآءنا المخرج، بشيء غير مألوف وخارج عن العادة، في طبع بعض الاشياء، حيث جمع فيها( الكلب والقط والفأر)، في مشهد هزلي ومضحك جدا، لكنه فيه حكمة..!

اول ما بدأ المشهد، هو الصراع بين الثلاثة، فتوم يطارد جيري، والدوگ يطارد توم، في سلسلة صراع دائري على الغنيمة، وأيضا لبقاء الأقوى فيهم، الى ان انتهى المطاف، بالصلح فيما بينهم..!

الصلح كان مقترح من قبل الدوگ، لفض هذا النزاع الطويل بينهم، فرحب به كل من توم وجيري، ثم جلسوا على طاولة مستديرة، لأجراء أتفاق حول هذا المقترح، فجآء الوگ بورقة، ليكتبوا عليها بنود أتفاقية الصلح، من ضمن هذه البنود، عدم أعتداء بعضهم على بعض، كذلك ان يكون كل ما يحصلوا عليه من غنائم، ان يكون بينهم بالتساوي، ووقعت جميع الأطراف المعنية على هذه الأتفاقية.

بعدها عاشو في بيت واحد، ينامون فيه معا، يأكلون ويشربون سوية، في مشهد عجيب من نوعه، خرجوا ذات يوم، يتمشون في احدى الشوارع، فرحين ومسرورين، ومستأنسين مع بعضهم، مرت بجنبهم سيارة، سقط منها صندوق، ركضوا بأتجاهه، ثم كسروه، فوجدوا فيه قطعة كبيرة من اللحم، سال عليها لعابهم..!

ذهبوا بالقطعة الى الطاولة، التي جلسوا عليها، وأجروا الأتفاق فوقها، ليتقاسموها بينهم بالسوية، حسب بنود الأتفاق، فقام الدوگ بالتوزيع، جعل لنفسه الحصة الاكبر وغيره الحصة الاصغر، أعترضا عليه بشدة توم وجيري، لأنه خرق البند المتفق عليه، فأعطوا القطعة، لتوم على أنه هو الذي يوزع القطعة بينهم، ففعل كما فعل صاحبه الأول، وهكذا جيري لما جاء دورها.

في النهاية لم يتوصلوا الى أتفاق، عندئذ اخرج الدوگ ورقة الأتفاق ومزقها، فعادوا الى طبيعتهم في الصراع، مثل ما بدأو أول مرة، وراح يطارد بعضهم الآخر..!

هذا المشهد، عاد بذاكرتي الى أربيل، فهو مثله بالتمام، الذي حصل فيه الأتفاق، بين المالكي وعلاوي والبارزاني.

أقول: ياليتهم كانوا، (كتوم وجيري والدوگ)، ولم تتعدى عداوتهم الى غيرهم، ولم تسبب في خراب العراق، وأحتلال داعش لبعض محافظاته، وإنهيار إقتصاده..!