23 ديسمبر، 2024 10:38 ص

الدونکيشوتيون

الدونکيشوتيون

أکثر من ثلاثين عام قد مضى على قيام النظام الديني المتطرف في إيران، وخلال کل هذه الاعوام، إبتدع و إختلق هذا النظام أزمات و مشاکل مختلفة على مختلف المستويات، وإستخدم الدين و وظفه بمختلف الطرق من أجل تحقيق أهدافه و غاياته في إفتعال تلك المشاکل و الازمات.
 الاسلام الذي کان الى اليوم الذي تأسس فيه هذا النظام اسلاما واحدا متعارف عليه بين مختلف المذاهب و الشعوب و الدول، فإنه وبعد أن إستتب الامر له، صار هناك إسلامين، أحدهما يدعى”الاسلام المحمدي الاصيل”، او الاسلام الثوري، و الاخر الاسلام الامريکي او الاسلام المزيف و الخانع، وقد کان المقصود بالاسلام المحمدي الاصيل، هو النهج الذي يتبعه النظام الايراني في طرحه و تعامله مع الاسلام، أما الاسلام الامريکي او الاسلام الخانع، فهو مصطلح يطلق على الاسلام المتعارف عليه بين الشعوب و الذي نعرفه منذ نعومة أظفارنا، وقد قام النظام بتأسيس أحزاب و جماعات تنادي بأفکاره الجديدة و رويدا رويدا بدأت الانقسامات و الاختلافات و الصراعات الطائفية والدينية الحادة تطفو على السطح.
النظام الايراني و من أجل أن يغطي على محاولاته المشبوهة لشق وحدة الصف الاسلامي، لجأ الى رفع شعار الموت لأمريکا و إسرائيل، والتي إنبهر بها معظم الشعب العربي و ظنوه حقيقة و أمرا واقعا، لکن ممارساته على الارض کانت تختلف تماما عن شعاراته البراقة، حيث أنه و على أثر الاوضاع التي أدت الى الحرب الامريکية في کل من أفغانستان و العراق، قدم النظام الايراني خدمات کبيرة جدا للأمريکان في کلا الحربين، بحيث أن البعض وصفوه بأبرهة الامريکيين، وفي الحربين، خصوصا حرب العراق، کان النظام المستفيد الاکبر منها، وجعل من نفوذه هناك أمرا واقعا بات معلوما و معترفا به من قبل الجميع، أما إسرائيل، فإن النظام و ماعدا حرب تموز 2006، التي إفتعلها النظام ضد إسرائيل بواسطة حزب الله اللبناني و التي کلفت لبنان خسائر فادحة لازال يعاني منها لحد الان، والتي لم تحقق أي شئ غير تلك الخسائر، فإن النظام و بعد هذه الحرب الطاحنة لم يخطو خطوة واحدة ضد إسرائيل بل وان تصريحات عديدة قد صدرت ذهبت معظمها الى مغازلة إسرائيل وليس هذا وانما أکد مسؤولون إيرانيون في جلسات خاصة لهم مع الامريکان بأن عدوهم الاصلي و الرئيسي هو السعودية و ليست إسرائيل او أمريکا، وانه لم يلحقهم أي أذى او ضرر من جانب الامريکيين و الاسرائيليين!
وهم معاداة أمريکا و إسرائيل، إفتضح أکثر و أکثر بعد التطورات الاخيرة في سوريا و الدور المشبوه للنظام الايراني هناك، وبعد إتفاق جنيف و غزل النظام الايراني الواضح جدا مع واشنطن، صارت الامور تظهر على حقيقتها و تظهر الصورة بوضوح کامل، إذ هناك الان حمى إندفاع غير مسبوق من جانب النظام الايراني من أجل الاتفاق مع الامريکيين و الاسرائيليين من أجل تقاسم النفوذ و الادوار في المنطقة وهو ماطفق جميع المراقبون يتأکدون منه.
طوال العقود الثلاثة الماضية، لم يکن النظام الايراني سوى دون کيشوتا بالنسبة لأمريکا و اسرائيل، فيما کان ذئبا مفترسا ضاريا بالنسبة للمنطقة و ان آثاره الدموية ظاهرة للعيان في العراق و سوريا و لبنان و اليمن وقبل کل ذلك في إيران نفسها.
[email protected]