علّمنا التاريخ الكثير من التجارب والحوادث والصراعات التي عانت منها المجتمعات البشريه في مختلف العصور التي مر بها التاريخ الانساني . والكثير من الاحداث مرت على شعوب كادت ان تلغي وجودها المجتمعي وحضارتها ودولها بسبب او بأخر فكم مرت من مجاعات وحروب وفيضانات وكوارث على الشعوب . ولكننا نرى أن أغلب هذه الشعوب قد اجتازت هذه المحن وبعد ذلك أخذت تعيد حساباتها في كيفية التحسب والتهيؤ خوفا من تكرار الحوادث التي مرت عليها . فأخذت بعض هذه الشعوب ببناء اسوارعاليه تحمي مدنها من الغزوات أو الحروب التي تخوضها وكم كثيره هي الامثله على ذلك . وطرواده القديمه والقسطنطينيه وبغداد كانت ايضا لها سورين في العصر العباسي والكثير غيرها من المدن الاخرى وبنيت الابراج التي كانت للمراقبه والابواب التي لايمكن اقتحامها ووضعت خطط بديله وممرات سريه في حال فشل المنظومه الدفاعيه ليستطيع شعوب هذه المدن البقاء والحفاظ على جنسهم وحضاراتهم , وابدعت أيضا في كيفية الدفاع المستميت من قبل سكان هذه المدن ضد الجيوش المهاجمه .
ويحدثنا التاريخ ايضا عن شواهد لازالت الى الان تعتبر من العجائب كيف بنيت . وكيف تم التخطيط لها على الرغم من العصر الذي تم به بناء هذه الشواهد , سد مأرب في اليمن القديم اروع منجز حضاري في ذلك العصر , الجنائن المعلقه في بابل اعجوبه حقيقه ولحد الان لاتوجد نظريه عن كيفية كانت تسقى المزروعات من نهر الفرات رغم ارتفاع المدينه عن مستوى النهر وبطريقة سقي لاتعتمد على اي تكنولوجيا حديثه , وحدثنا التاريخ عن الكثير من الفيضانات وكيف غرقت الكثير من المدن . ولكن الشعوب بقت واسست الحضارات المختلفه وانجزت الكثير من المشاريع التي رفدت الانسانيه بالعلم والثقافه والتحضر .
ولكن لابد من استيعاب وادراك كيف استطاعت هذه الشعوب انجاز هذه المؤثرات الحضاريه والعلميه المبدعه وكيف أسست لمنهج مجتمعي عامل استطاع الصمود أمام فترات تأريخيه كانت كارثيه عليها . هل كانت هذه الانجازات بسبب ميزانيات ضخمه وانفجاريه أو كان بسبب صادرات فاقت المليارات من الدولارات أو فعلا كانت بسبب أحزاب كانت تقود حكومات هذه الشعوب , أو كانت بسبب لجان شكلت لغرض التحقيق والمراقبه , أو بسبب قنوات فضائيه لاحصر لها كانت تبث الحلول واللقاءات .
لم تستطيع هذه الشعوب ان تديم حضاراتها الا لانها كانت تعي بشكل لا ارادي أن وجودها الانساني يعتمد جوهريا على مسببات اقتصادياتها من مزروعات وصناعات وتجاره وأن كانت بدائيه في عصورهم , ولكن كيف أستطاعوا السيطره على هذه الفعاليات , من هنا نستطيع أن نقول أن التاريخ وثق لنا حقيقه لايمكن نكرانها وهي أن الشعوب لم تستطيع النهوض الا بقائد أو حاكم كان يوجه شعبه الى العظمه والبناء بغض النظر عن أن بعض القاده كانوا طغاة ولكن معظمهم قاد شعبه الى مراحل متطوره من التقدم والنمو والتحضر , والتاريخ القديم والحديث يستعرض لنا المئات من القاده الذين لايمكن للذاكره ان تنساهم حتى أصبحوا ظاهره وبعضهم أصبح أسطوره تتناقلها الاجيال المتعاقبه .
بعض هؤلاء القاده انتشل شعبه من فقر مدقع كالرئيس البرازيلي دا سيلفا والرئيس الماليزي مهاتير محمد وغاندي ماذا كان يملك هذا الرجل هل كان يملك ميزانيه او حزب , كل ما كان يملكه قلب عظيم وعقل مفتوح وبساطه وتواضع انساني مثمر , وهذه اقرب تجارب لنا أما اذا اردنا ان نتبحر في اعماق التاريخ لأُشبعنا من هؤلاء القاده الصالحون الذين قدموا لبلادهم كل ما كانوا يملكونه وهو حبهم وأنتمائهم لشعبهم حتى استطاعوا أن يؤسسوا لثقه وتأييد وأنتماء بينهم وبين شعبهم بدون ان يفرقوا بين مكونات الشعوب التي كانوا يقودوها . واليوم في عراقنا الكثير والكثير ممن يظن نفسه قائداً لشعبه ولكنهم لايملكوا حتى ادنى مستوى من الوطنيه وحتى الخجل من كونهم قد رُفضوا واننا اليوم كشعب نناشد ونناشد ولامن ناصرٍ ولا من مجيب . حتى وصلنا مرحله نخجل من أن نسميهم بالحكومه العراقيه لانهم لاينتموا الى هذا الوطن ولا الى شعبه وانتمائهم الوحيد لنفوذهم وسلطتهم . فهل سيظهر بنا قائد يعبر بنا الازمات بدون ان يذكرنا يوميا بانه أستلم خزينه فارغه أو أن يقول لنا أننا كنا حفاة أو يعتبر أن السيارات الحديثه التي دخلت البلاد هي من اعظم المنجزات بالقرن الحالي التي لامسها الشعب وأن القمه العربيه التي لم تدم سوى يومان والتي صُرفت عليها المليارات هي التي أنقذت الشعب من التدهور والبؤس والفقر, لانعرف كيف نفسر أن بغداد تغرق سنه بعد سنه من نعمة يرسلها الله لنا كي لا نعاني من الجفاف وقلة الموارد المائيه , هذا هو العجب في بلاد أطلق عليها بلاد الرافدين , ولازلنا ننتظر قائدا وطنيا صالحاًعراقياً يخلصنا من الحكومه الثالوث ( الدجل , الفشل , الفساد ) .