18 ديسمبر، 2024 9:34 م

الدول العربية والمنعطف التأريخي الكبير

الدول العربية والمنعطف التأريخي الكبير

لا ريب أن ما يحدث في سوريا والعراق ليس إلا جزء من مخطط واسع عنوانه تجزيء المجزأ . وبغباء أو حمق أو حقد يظهر على ألسنة مسؤولين كبار في الدول المتصارعة على المنطقة ما يدل على ذلك, فإيران مرة يصرح مسؤوليها أن العراق جزء من إمبراطوريتهم أو إن الكويت امتداد لعبادان أو أنهم سيقتلعون الصندوق الأسود إشارة إلى الكعبة المشرفة. أو يدعمون حراك طائفي لتفتيت وحدة شعوب البلدان العربية وأميركا من جهة أخرى تصرح أن الحدود في العراق وسوريا لم تعد كسابقتها , وهذه التصريحات وإن كان يُرد عليها بأنها تصريحات خاصة لا تمثل الرأي الرسمي لتلك الدول لكنها في حقيقتها رسائل ذات بعدين فالبعد الأول منها للداخل كما في تصريحات المسؤولين الإيرانيين فمثلاً تصريحات أحد البرلمانيين الإيرانيين بأنه قد قتل ستمائة أسير عراقي أثناء الحرب العراقية الإيرانية , هو ليس إلا تصعيد عنصري يراد به كسب الشارع الإيراني بعد أن انتهت مكانة الحكومة الإيرانية في الداخل, وتصديرها للخارج على أنها صراع للدفاع عن إمبراطوريتهم المزعومة. أما تصريحات المسؤولين الغربيين فهو تطمين للوبي اليهودي بأن صراعنا وتحالفاتنا واتفاقاتنا مع إيران ليست إلا خدمة لإسرائيل لتفتيت دول المنطقة العربية لدويلات تناظر إسرائيل في تركيبتها الدينية العنصرية وحجمها الصغير ورسالة للخارج بأن هذا هو مشروعنا القادم ومن كان عليه أن يضع يده في أيدينا فعليه بتقبله . وهذه الإستراتيجية والمخطط جعل الدول العربية أمام منعطف وتحد كبير . ولا يخفى أن هذه مسؤولية وطنية وأخلاقية ودينية ومن هنا على الجماهير وحكوماتها والمدارس والجامعات وفي مقدمتها الأزهر الشريف أن يأخذوا بالحسبان ذلك التساؤل والتحذير الذي أطلقته الحوزة العربية المتمثلة بالمرجع العراقي الصرخي الحسني حين تسائل في بيان ” أضاعوا العراق… تغيّرتْ موازين القوى… داهَمَهم الخطر ” وحذر قائلاً : (أولًا ــ لقد أضاعت دول الخليج والمنطقة الفرص الكثيرة الممكنة لدفع المخاطر عن دولهم وأنظمتهم وبأقل الخسائر والأثمان من خلال نصرة العراق وشعبه المظلوم!!! لكن مع الأسف لم يجدْ العراق مَن يعينُه، بل كانت ولازالتْ الدول واقفة وسائرة مع مشاريع تمزيق وتدمير العراق وداعمة لسرّاقه وأعدائه في الداخل والخارج، من حيث تعلم أو لا تعلم!!!ثانيًا ــ هنا يقال: هل يمكن تدارك ما فات؟!! وهل يمكن تصحيح المسار؟!! وهل تقدر وتتحمّل الدول الدخول في المواجهة والدفاع عن وجودها الآن وبأثمان مضاعفة عما كانت عليه فيما لو اختارت المواجهة سابقًا وقبل الاتفاق النووي؟!! فالدول الآن في وضع خطير لا تُحسَد عليه!!! فبعد الاتفاق النووي اكتسبت إيران قوةً وزخمًا وانفلاتًا تجاه تلك الدول!! وصار نظر إيران شاخصًا إليها ومركَّزًا عليها!! فهل ستختار الدول المواجهة؟!! وهل هي قادرة عليها والصمود فيها إلى الآخِر؟!!)