8 أبريل، 2024 7:26 م
Search
Close this search box.

الدولة وثقافة الأداء السياسي

Facebook
Twitter
LinkedIn

أن تبدل الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعد التغييرات التي حدثت في العراق وما تبعها من تحولات وتغييرات كبيرة في الدساتير والقوانين والقرارات في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي من نظام استبدادي إلى نظام ديمقراطي تعددي هنا لايمكن الحكم على هذا النظام بأي نتائج مسبقة دون الخوض في العمل التجريبي وغالبا ماتقاس فاعلية دولة ما أو نظام ما على وفق صيغ اقتصادية وليس ضمن تقويمات سياسية أو مادية أو أمنية أو المكانة التي تحتلها الدولة بين دول العالم الأخرى لكن يبقى الأمن هو المؤشر الأول الذي يحظى بتقويم الغالبية ولأنهم يتوقعون من النظام الديمقراطي تحقيق الحرية السياسية والمساواة وشمولية الدستور لذلك فأن غالبية الشعوب تؤمن بأن الأداء السياسي هو الذي يساعد في عملية بناء الدولة والنظام الديمقراطي حيث أن سرعة سقوط وانهيار النظام السابق قد اوجد نوعا من الخلط في المفاهيم السياسية عند الكثيرين فيجب علينا أن نقف قليلا كي نرى أن إدارة الدولة وقيادتها هي مسؤولية كبيرة فلا بد لحاملها أن يكون على دراية واسعة بالمفاهيم السياسية فبدون هذه الدراية لايمكن أن يخوض صراعا ديمقراطيا يهدف إلى التقليل من الخلط في المفاهيم السياسية التي احتلت المشهد السياسي والتصورات السياسية في السنوات الماضية , فالسياسة معرفة أي هي الفن الممكن في إدارة المتغير ,هذا يعني أن السياسي لابد أن يكون مثقفا وواعيا ومدركا بأسرار عمله ويمتلك صورة واسعة بما يحيط به من متغيرات وظواهر اجتماعية و سياسية ويكون قادرا على تحليل هذه الظواهر والمتغيرات السياسية ومعرفة خلفيات تطورها لان هذا سينعكس على أداءه السياسي , فالعمل السياسي هي مهنة خطرة لان عمله يتعلق بحياة ومصير الملايين من المواطنين وأيضا يتعلق بمصير البلاد برمتها , في النظم السياسية هناك ومنها النظم الديمقراطية تكون المؤسسات التابعة للدولة محايدة وهي ليست طرفا في الصراعات الحزبية التي تحدث بين الأحزاب المتنافسة على السلطة أحيانا لان مؤسسات الدولة تبقى ثابتة ولا تتغير بتغير الحزب الفائز بالانتخابات حيث أن الدولة مكونة من مجموعة من الوزارات والهيئات الحكومية والمجالس المحلية وتقوم بالإشراف على أنظمة العمل المتداخلة فيما بينها هدفها القيام بتنظيم حياة المجتمع ومستقبله من خلال توفير الخدمات للشعب وتوفير الأمن وحفظه والدفاع

عن البلاد, وأنظمة العمل هذه تحكمها القوانين والتي تعني تحقيق العدل الاجتماعي , وان الدولة لا بد لها من كفاءات علمية قادرة على القيام بواجبها تجاه بلدها ومجتمعها وان تبدع في مجال اختصاصها وعملها , فالدولة الناجحة هي التي تضع الرجل الكفوء أو المناسب في المكان المناسب لكي ينجح الأداء السياسي في تحقيق ما تصبوا إليه الدولة من خلال نظامها السياسي , الدولة ألان تؤسس لنظام ديمقراطي برلماني تعددي تشترك فيه جميع مكونات الشعب العراقي ولابد أن تسوده العدالة والحرية والمساواة , وان هنالك فرقا بين الدولة والنظام السياسي الذي يدير هذه الدولة وبين الحكومات التي تتغير بعد كل دورة انتخابية فالدولة هي مجموعة من الأفراد يحتلون منطقة معينة بصورة دائمية ومستقلة شرعيا عن أي سيطرة خارجية ولهم حكومة منظمة تأخذ على عاتقها تشريع القانون وتطبيقه على جميع الأفراد والمجموعات الداخلية ضمن حدود القانون فالدولة بجميع مؤسساتها يجب أن تكون موجودة والظواهر التي تتناقض مع هيبة الدولة يجب أن تختفي ومنها المظاهر المسلحة والإرهاب الأعمى والفساد المنظم كالفساد السياسي والإداري ويتجسد الفساد السياسي عبر المحسوبية والمحاباة والانتقائية في تطبيق القانون وتقديم الرابطة الشخصية أو الفئوية على عناصر الكفاءة في التعيين أو توزيع الخدمات أو التعاقد وهي تمثل خطرا على أمن المواطن والمجتمع برمته ومستقبل الدولة ولابد من القضاء على الفساد بكل أشكاله وتطبيق القوانين ضد المفسدين دون أي تمايز يذكر , أما النظام السياسي فهو الوسيلة التي تدير الدولة وفقا للمصالح العليا للمجتمع أما الحكومات أو الحكومة مجموعة من الأفراد (سواء أكانوا أغلبية أم أقلية ) يصدرون الأوامر والنواهي إلى أعضاء الفئة الاجتماعية وهؤلاء الأفراد الذين يمسكون بالسلطة نسميهم الحكام وهم نابعين من رحم البرلمان أي البرلمان هو الذي يشكل الوزارة (الحكومة) مشكلة من الكتلة الأكبر في النظام البرلماني وكذلك هي مؤسسة تدير الجهاز الخدمي والإداري للدولة وتعبر عن الاتجاه السياسي العام الذي أفرزته الانتخابات بوصفها خيار الأغلبية , وإذا كان العراقيون قد اختاروا النظام الديمقراطي والدولة المدنية فأن واجب الحكومة هو تحقيق المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها هذا النظام وهي التداول السلمي للسلطة والحريات العامة والحريات الفردية واستقلال القضاء وواجب الحكومة هو تنفيذ وحفظ هذه المبادئ والتي تحفظ حقوق المواطنين المدنية والسياسية وهذا ما يحول الدولة إلى هوية مشتركة لجميع المواطنين حيث يجدون مصالحهم في حماية امن الدولة وتكريس هيبتها ولا بد أن تعلوا المصالح الوطنية دائما فوق الطموحات الشخصية والحزبية والطائفية ,لذلك تعمل الدولة على بناء ثقافة الأداء السياسي عن طريق نشر ألثقافة سياسية بين الجماهير ليخرج من بين هذه الجماهير ساسة وقادة تعمل على بناء الدولة من خلال الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني,

ولايمكن تحقيق هذا الهدف إلا إذا رفع مستويات اكبر عدد من هؤلاء عن طريق التربية والتعليم وهما يقتضيان بتحسين الوضع ألمعاشي لهم ورفع المستوى الاقتصادي وبالشكل الذي يمكن من خلاله تهيئة مؤسسات التربية والتعليم والجامعات والمراكز الثقافية ودور النشر والصحافة والإعلام عموما فضلا عن توفير أجواء الاستقرار والأمن الاجتماعي والسياسي .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب