23 ديسمبر، 2024 3:10 ص

الدولة والضبط الإجتماعي..

الدولة والضبط الإجتماعي..

المعروف حسب علم الإجتماع إن الدولة هي إحدى وسائل الضبط الإجتماعي الرسمية فهي التي تقوم بتنظيم أجهزتها الأمنية للحفاظ على الأمن ومكافحة الفساد والجريمة، وكذلك تقوم بالرقابة والمتابعة لمؤسساتها ذات العناوين المختلفة التي منها الإدارية والإقتصادية والثقافية وغير ذلك،
وبما أن الدولة هي الجهة الوحيدة القادرة على استخدام القوة بإسم القانون أو الدين أو الأخلاق أو الصالح العام، توجّب عليها إن تتحمل مسؤولياتها إزاء ذلك،
ومن هذه المسؤوليات التي أهملتها الدولة في عهد ما بعد السقوط هي مسؤولية (الضبط الإجتماعي) بإعتبارها القوة الوحيدة المتمكنة بأدواتها من القيام بذلك على أتم وجه وكما أسلفنا،
لقد تزامن مع أهمال هذه المسؤولية مشكلة أخرى وهي ضعف القانون الرسمي الذي بدوره فتح الباب امام القوانين العرفية والعشائرية لتستحوذ على أغلب مساحة القانون الرسمي للدولة،
وتحولت خشية الناس من عواقب مخالفة القانون الرسمي إلى الخشية من مخالفة الاعراف (والسواني) العشائرية التي هي الأخرى خاضعة للمرونة حسب العلاقات والمؤثرات.
ومما يعزز إن يكون للدولة دورا واضحاً في تربية المجتمع هو مانراه اليوم من الانفلات الأخلاقي والتردي الإجتماعي الذي بدأ يتزايد ويتسع نتيجة للضعف الحاصل في مواجهته، مع وجود بعض الدعوات والاجراءات المتواضعة التي تصدر من جهات دينية أو شخصيات مؤثرة إلا إنها لا تصل إلى المستوى المطلوب مادامت لا تحمل في طياتها شكلاً من أشكال العقوبة أو القصاص أو الردع.
أن المجتمع اليوم هو غير مجتمع الأمس لإسباب كثيرة، منها دخول المفردات التكنولوجية والإلكترونية الكثيرة في حياة الناس التي أثرت سلباً على العلاقات الإجتماعية وأيضاً العلاقات الأسرية، فضلاً عن تعقيدات الحياة الأخرى التي ساهمت بطريق أو بآخر في زيادة إهتمام المجتمع المادي دون الإهتمام الروحي،
وكذلك تراجع التزامات الدولة بالمؤسسات التعليمية والتربوية فلم يعد هناك إلزامية التعليم و محو الأمية، بالإضافة إلى عدم وجود آليات تمنع تسرب الطلبة في الدراسة الأبتدائية والثانوية، كما كان الأمر في فترة السبعينات، وكذلك عدم وجود التجنيد الإجباري الذي كان سبباً في مواصلة الدراسة للكثير من الطلبة كما إن الخدمة العسكرية بحد ذاتها تعتبر مدرسة وطنية تُعلّم الضبط والاحترام وتصنع رجالاً قادرين على تحمل أعباء الحياة ومسؤولياتها.
كل هذا الأمور التي أهملتها الدولة تسببت بإيجاد ظواهر غربية عن مجتمعنا المحافظ وخصوصاً لدى المراهقين والشباب منها مثلاً، ظاهرة الإلحاد، وظاهرة التخنث، وظاهرة المقاهي النسائية الليلية، وظاهرة الانتحار وغيرها من الظواهر السلبية وغير المالوفة لدى المجمتع العراقي،