فرح الكثيرون من السياسيين العراقيين لتراجع المظاهرات الشعبية من حيث العدد في بغداد والمحافظات العراقية ؛ ولكن اريد القول ان تراجع المظاهرات والضغوط الشعبية هي شارة شؤم عليكم أحكام العراق لأنكم ستسيرون بنفس النهج الذي سجل هزائم وانكسارات متتالية ولم يسجل اي تطور او تقدم سيُحسب للمرحلة الجديدة ولا للطبقة السياسية الحالية التي جاءت على حين غرة لتحكم العراق بعد عام 2003 ؛ ان هذا السجل الاسود الطويل لهذه الطبقة السياسية التي تدير شؤون الدولة العراقية والهزائم والتراجعات الكبيرة وخلو هذا السجل من اي انجاز يذكر هو السبب في تحريك الشارع العراقي وخروج المظاهرات وما زلت تلك الاسباب قائمة فتراجع المظاهرات لا يعني تحسن الوضع ولكن العكس فهو يعني اليأس والانكفاء الذي اصاب عامة الناس من اي اصلاح منظور ؛ فالوقائع تشير الى استمرار النهج وتروي الاداء في مستقبل الايام لطبقة العراق السياسة المترهلة .
العجز المالي تحدي حقيقي لم تصل الطبقة السياسية الى حلول حقيقية بهذا الاطار بل هناك تخبط وفشل ازاء هذا المصير الاسود الذي قد يصل اليه العراق في وقت ليس ببعيد ؛ والمعالجات تشير عامة الناس اكثر من اي وقت مضى فالحكومة تغمض عينها من الاموال العامة المنهوبة التي سرقها الفاسدون وتغمض العين عن المبالغ المستحقة والمتأخرة عند شركات الاتصال وكثير من شركات القطاع الخاص لأنها مرتبطة بنفس الطبقة السياسية الفاسدة وتقوم باستقطاع نسب من رواتب الموظفين وكذلك لا توجد جباية لرسوم المنافذ الحدودية والتي توفر مبالغ لا بأس بها للخزينة ولا توجد مشاريع حقيقية للصناعة والزراعة ؛ جولات التراخيص النفطية هي الاخرى عقبة ستعجز الحكومة عن وضع حد لهذه المهزلة وغسيل الاموال والعملة المهربة و المواد المستوردة لدوائر الدولة كلها اساليب السرقة والفساد المالي والاداري.
الحكومة جعلت العراق دولة مستهلكة بامتياز تحتاج كل شيء من الخارج ولم تفتح اي معامل او منشآت حيوية جديدة في مجال الانتاج ولا حتى الخدمات بل ان المنشآت القديمة اصبحت ضحية لسياسة الترهل والفشل الحكومي ؛ وحتى الخطوط الجوية العراقية عجزت ان تكون كشركات النقل العالمية ولو بنسبة بسيطة فصارت على القائمة السوداء وعلى الدولة ان تستأجر شركة نقل اخرى وما يترتب على ذلك من تكاليف على المواطن والدولة .
اما التحدي الامني فالتدهور متواصل والقانون لا يطبق الا على المواطن البسيط فالأحزاب والمليشيات فوق القانون يتاجرون بالمال والدم ومصير الناس ؛ وكذلك لا تلوح نهاية قريبة لصالح الدولة على تحدي الارهاب ؛ اما التحديات الدولية فالحكومة اعجز ان تقف بوجهها كما هو الحال في التواجد العسكري التركي وايضا الايطالي وغيره ؛ حتى الجامعة العربية وبعد اكثر من ثلاث اسابيع لم تعقد جلسة طارئة بهذا العدد وقد دخل البرلمان العراقي في عطلته التشريعية كان الامر لايعنيه ففي العراق دولة تأكل نفسها .