21 مايو، 2024 12:40 م
Search
Close this search box.

الدولة الوطنية/ الحلقة الخامسة

Facebook
Twitter
LinkedIn

هل الدولة الوطنية هي مشروع سياسي ؟ ففي الكثير من الأحيان ينعت السياسيين مشاريعهم او توجهاتهم و يحملون عنوان ( الوطنية ) ، مؤكدا ان الإجابة و بكل إختصار هي : لا ، ففي العراق المحاصصة بإشكالها كافة في المشهد  تمتد الى اكثر من تسعين سنة ، اي منذ ان تشكلت الدولة العراقية الحديثة ، و أن بناء الأمة في العراق تشكل بمعادلات الايدولوجية الطائفية لمئات السنين سواء في ظل الاحتلال العثماني او حتى قبل ذلك ، و يمكن العودة الى كتب التأريخ الحديث و الوسيط خاصة تلك التي وضعها المؤرخ الكبير حنا بطاطو ، و عالم الاجتماع المعروف الدكتور علي الوردي في مجموعته ذائعة الصيت ( لمحات اجتماعية من تأريخ العراق الحديث ) ، و منذ وقت ليس بالقصير يدور نقاش حول من أين ينبغي أن يبدأ بناء المشروع الوطني ، من السلطة باتجاه خلق أُمة ، أم من الأمة باتجاه صناعة سلطة وطنية على طريق منطق ( كيفما تكونوا يولى عليكم ) ، و في هذا الموضوع هنالك دراسات و كتابات عظيمة و ضعها كبار العلماء و الكتاب ، إستند الكثير منها الى تجارب مشابهة ، و ليس هذا المقال محل إستعراض هذه الدراسات و مناقشتها ، إلا أن إثارة هذا  الموضوع جديرة بالإهتمام في هذه المرحلة المفصلية من تأريخ العراق ، و التي يعتبرها الكثير أنها تشكل مرحلة الانسداد ، فالمشكلات المُرحلّة لم يعد بالإمكان تجاوزها لإنها تسببت بإزمات فظيعة ، و هنا بودنا أن نؤشر على أن المشروع الاصلاحي في بلد مثل العراق فضلا عن ضرورة أن يتحرك الاصلاح من المؤسسات الفاعلة ، و هي مؤسسات الضمان الديمقراطي أي المؤسسات التي تعرف بالمستقلة ( الهيئات المستقلة ) ، فهذه المؤسسات تغطي محاور التغيير على المستويات كافة ، فعملية من هذا النوع تفترض إحداث نقلة في التعليم و دور إستثنائي في مؤسسات التنشئة فضلا عن ما يرتبط بالحقوق الفردية و الجماعية ، و هنا ينبغي إدراك حقيقة ترتبط بالخصوصية العراقية و مفادها أن بلد مثل العراق لا تنشط فيه المؤسسات الديمقراطية بفاعلية كالتي توجد في البلدان عريقة الديمقراطية ، يعول كثيرا المساحة المتاحة للسلطة القضائية بصفتها التخصصية و الاستقلالية ، بالإضافة الى الهيئات المستقلة ، و عليه ينبغي أن يصب الجهد في حفظ إستقلال مثالي في البناء و العمل لهذه الجهات من أجل عملية شروع حقيقية لصناعة الانسان الوطني في العراق ، الذي تكفل له مؤسسات الضمان الديمقراطي عملية انتخابية وطنية و إعلام و تعليم و حقوق وطنية ، هذه البداية هي الاكثر إمكانية و واقعية من مجابهة الخصم المحاصصاتي في السلطتين التشريعية و التنفيذية .   

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب