23 ديسمبر، 2024 7:33 م

الدولة الوطنية/ الحلقة الثانية

الدولة الوطنية/ الحلقة الثانية

عُقدةْ المسير في العراق ؛ و المسير هو تعبير عن كافة الأعمال و السلوكيات السياسية و الاجتماعية بل حتى الاقتصادية و الثقافية ، تكمن في الهوية المحركة لهذا المسير ، و للحديث عن الهويات المحركة لا بد من إثارة مواضيع ترتبط بسياقات مختلفة لكل هوية ، و الهوية هنا هي الانتماءات الفرعية من دون الهوية الوطنية ، و الأمر هذا سيدخل منذ الوهلة الأولى في جدليات كبيرة منها الرؤى التي تذهب تجريم الانتماء كما تفعل الجماعات الإرهابية التي ترى كفر الوطنية ، فيما تشكل مصاديق أُخرى كما في من يرى بأن الهوية الاثنية أو الدينية أو المذهبية هي أكبر و مقدمة على الهوية الوطنية ، مؤكدا أن هذا لم يتكون بشكل بسيط ؛ و إنما عبر مراحل تاريخية شهدت صراعات و تعقيدات كبيرة ، و هذا ما عاشته كل الحضارات و الثقافات الإنسانية ، و بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى خلق حالة من الصراع و الغلبة  ما بين الهوية الوطنية و الهويات الفرعية ، إلا أن حالة من تضعيف الهوية الوطنية في التشريع و الفعل في النواحي و المستويات كافة يجري بشكل خطير يمثل أكبر العقد من أجل إقامة دولة عراقية وطنية ، فالمحاصصة مثلاً و إن كانت منهجا من أجل تحقيق المصالح ، إلا أنها تمثل جوهريا صراع بين الهويات ، و في هذا المجال يمثل البناء التشريعي الحلقة الاهم في تشكيل المحركات و الفعل بالنسبة لكل دولة في تحكيم أي من الهويات ، و من أجل هذا تعمد البلدان التي تعيش او التي عاشت صراعات داخلية و حروب اهلية ، الى اقامة قاعدة تشريعية لبناء إجتماعي و سياسي يعزز المواطنة كهوية موحدة لجميع ابناء الشعب ، إلا أن هذا ليس بالعمل السهل فالانتماءات الفرعية تملك من القدرة و القوة ما يجعلها عصية على أن تكون دون الهوية الوطنية ، فضلا عن كونها تشكل مصدر لتحقيق للمصالح لفئات واسعة سيقفون ضد اي مساعي وطنية جادة لاقامة دولة المواطنة ؛ و حفظ التنوع في اطار وطني منسجم . و من الامثلة على ذلك هي المحاولات التي يعمل البعض عليها لإجراء تغييرات المنظومة التشريعية التي تقدمت بها السلطة القضائية في العراق من أجل علميات التطوير القضائي و القانوني ، هذه التغييرات تستهدف فرض مقولات الهويات الفرعية على التشريعات الوطنية ، و هذا يبدوا جليا في السلطات الاخرى و هو ما جعلها تعاني الكثير من المشاكل العويصة التي استدعت المطالبات الكبيرة بإجراء اصلاحات جوهرية و شاملة ، و هذا ما ترفضه السلطة القضائية بقوة و تواجه تحدي الحفاظ على استقلالها .