20 مايو، 2024 8:38 ص
Search
Close this search box.

الدولة الوطنية/ الحلقة التاسعة

Facebook
Twitter
LinkedIn

ليس أمام أي مراقب ، بل ليس أمام أي عراقي إلَّا أن يعترف بضراوة المواجهة بين المشروع الوطني في الدولة ، و بين مشروع المحاصصة المعمول به ، قبل أيام أطلعت على بحث طويل يبدوا أن صاحبه بذل جهد كبير من أجل أعداده ، يتضمن البحث الكشف عن قومية و طائفة كل رئيس قسم و مدير دائرة و مدير عام و وكيل وزير في كل وزارات الحكومة و مؤسسات الدولة الاخرى ، و كان الغرض من البحث أن يثبت من يسيطر على الدولة ، و أخذ البحث يطلق الاتهامات لهذا الطرف بالهيمنة و لذاك الطرف بالتقصير و الفشل في أحداث ما أطلق عليه بـإحداث توازن في كل هذه المواقع على أساس نسبة كل مكون في العراق ، صدقوني هذه ليست نكتة ، و اكثر من ذلك هنالك الكثير من المسئولين الذين عمِلوا بهذا النهج طيلة السنوات الماضية ، الامر هذا فضلا عن أنه في التطبيق سيفرغ المواقع الوظيفية من محتواها كمواقع للخدمة العامة ، هو سيفّعل ما هو أكثر سوءا من هذا ، و هو تغييب صفة المواطنة و توكيد العناوين المكوناتية كأساس للعلاقة بين أبناء الشعب الواحد ، و بهذا ليست المحاصصة نهجا لتوزيع الوزارت و المواقع العليا في سلطات الدولة ، بل عُمِل من أجل أن تكون أساس لبناء تصورات و علاقات بين فئات الشعب كافة
هذا الواقع غيب بالكامل مفهوم الدولة الوطنية كجامع لإبناء الشعب العراقي ، و هو ما نعكس على توجهات الناس انتخابيا ، و شكل لغة الاعلام ؛ و في النهاية صارت المحاصصة نهج كل الحياة
هذه ليست أي مشكلة أو أزمة اعتيادية ، مرض من هذا النوع يعد من الامراض الخطرة و المميتة إلم يتدارك الامر بشكل جاد ، حصل مثل هذه المواجهات و المشكلات في الكثير من البلدان في غرب العالم و شرقه ، منها التي نجحت و ربحت وجودها ، و منها من للأسف كانت الانقسامات و الحروب مصيرها ، فمثلا بعد الثورة الشعبية في مصر التي أودت بنظام الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك ، و جد الشعب نفسه أمام حكم الاخوان المسلمين الذين نجحوا طيلة العقد الاخير بإقناع الجمهور المصري بإيدولوجياتهم ، و بعد القيام بثورة مضادة و اسقاط حكمهم ، و جد الشعب المصري نفسه أمام تراكم من الازمات الاقتصادية و السياسية الدولية و الاجتماعية ، و كان الكثير من المراقبين يعتقد بإنهيار جمهورية مصر بشكل مريع
إلا أن الدولة المصرية بقيت و اقفة بل و تجاوزت الكثير من أزماتها لسبب بسيط ، يكمن في قوتين
ــــ القضاء المصري
ــــ الجيش المصري
فكل من نادى بإسقاط حكم مبارك و حكم مرسي من بعده ، لم يفكر حتى بالحديث عن اسقاط المؤسسة القضائية و المؤسسة العسكرية ، في العراق رأى العالم ماذا بهذا البلد عندما تم حل مؤسسته العسكرية ، و للأسف يخطأ البعض عندما ينجر خلف الدعوات العدوانية التي نادت بإسقاط السلطة القضائية ، غير مدركين أن القضاء هي أخر قلاع الدولة الوطنية ، و هي الامل المتبقي لإعادة بناء العراق كدولة حديثة 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب