و صلنا في الحلقة السابقة إلى أن عملية الإصلاح المفترضة لا بد أن تبدأ من إعادة كتابة قانون للانتخابات من قبل متخصصين ، يقوم على أساس الدوائر المتعددة ، إلا أن القانون مهما بلغ من درجة متقدمة في المنظور الديمقراطي و الوطني ، إلا أنه لا يمكن أن يحقق نتائجه من غير مفوضية إنتخابات مستقلة بالمعنى الحقيقي للإستقلال ، و هذه واحدة من المعاضل التي تواجه أي مسعى إصلاحي في العراق ، فالمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات في العراق هي كالمؤسسات الاخرى تم بناءها للأسف على اساس المحاصصة ، و هذه مشكلة بنيوية في الاليات الديمقراطية المفضية لإقامة دولة وطنية ، فإذا كان و لابد من وجود هذه المفوضية للاشراف على الانتخابات بديلا عن دور السلطة القضائية ، فلا بد من إعادة النظر في المفوضية بعد ان أثبتت التجارب أنها لم تكن بحجم المسئولية الكبيرة الملقاة عليها ، و بهذا ينبغي أن تتركز الجهود على اعادة هيكلة هذه المؤسسة بعيدا عن اي شكل من اشكال المحاصصة البغيضة ، و الشيء الاخر الذي ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار هو ضرورة إجراء الاحصاء السكاني ، من أجل معرفة العدد الحقيقي لسكان العراق ، و في ضوء هذا يحدد عدد أعضاء المجلس النيابي تطبيقا لأحكام المادة 49 من الدستور التي تحدد مقعد واحد لكل مائة الف نسمة ، و في حال و كما يقترح البعض بتغيير هذه النسبة ينبغي الذهاب الى التعديل المادة الدستورية سالفة الذكر .
في جانب آخر عملية الاصلاح في الدولة الحديثة تتم عن طريق قيام مؤسساتها الدستورية بوظائفها المختلفة ، و في هذا المجال ينبغي الاسراع بتشريع قانون مجلس الاتحاد ، الذي يشكل ضرورة دستورية لإكمال السلطة التشريعية المنصوص عليها في المادة 48 من الدستور ( تتكون السلطة التشريعية من مجلس النواب و الاتحاد ) ، و عدم تشريع هذا القانون فضلا عن كونه تعطيل دستوري شكل عرقلة كبيرة لعمل السلطة التشريعية العراقية التي تقوم على جناحين ( مجلس النواب و مجلس الاتحاد ) ، و أهمية مجلس الاتحاد هذا يكمن في كونه الجزء المكمل للبرلمان خاصة و أن نظام الحكم في العراق هو نظام برلماني ، و سيجنب النصوص النيابية الكثير من المشاكل في علاقتها مع الاعتراضات التي تبديها رئاسة الجمهورية على مشاريع القوانين المرفوعة لها لإصداراها .