بين فترة وأخرى تظهر مسميات جديدة غريبة على العراقيين ، فمنذ ما يقارب عقد من الزمن تركت البلاد وكان في ذلك الوقت قد بدأ النزاع الطائفي وظهرت مصطلحات جديدة آنذاك مثل (العلس والصك وغيرها) منسجمة مع الاوضاع الامنية المتردية. وعندما عدت قبل ايام كانت قد تجمعت لدي عدة معاملات للإنجاز ، وقد تفاجئت بالرسوم المفروضة على معاملة بسيطة مثل ترجمة وتصديق شهادات شخصية إذ يحتاج الى حوالي 250000 الف دينار تتقاسمها وزارة العدل ووزارة التعليم العالي (مكتب الترجمة الاستشاري) وحصة الاسد للدائرة القنصلية في وزارة الخارجية. وتصديق شهادة دراسية يكلف 75000 الف دينار ، وكان تصديقها عام 2006 لا يزيد عن 5000 آلاف دينار.
وأخبرني صديق إذا أردت أن تراجع وزارة العدل لتقديم دعوى أو الطعن بها وتمييزها ، فان الرسم سيكون مرتفعا والأعجب منه اذا أردت ان تحسم قضيتك بسرعة وبشكل عاجل فعليك دفع 100000 الف دينار وإلا ستبقى على الرف لسنوات ، وهو يعني ان القضاء اصبح يباع ويشترى بالمال ومن لديه اكثر يحصل على العدالة أما الفقير فيذهب الى جهنم. أما الكفالة فان اجورها 20000 ألف دينار بعد ان تركتها بألفين قبل عشر سنوات.
سألت احد اقاربي الذي كان يرافقني في اغلب جولاتي عما يحدث في دوائر الدولة من استيفاء غير معقول للرسوم وفي نفس الوقت يجري تقليل مستمر للرواتب وزيادة البطالة والكساد الاقتصادي ، فأجابني إنها ” الدولة المقطاطة ” ، في الوقت الذي ضحكت فيه استغربت هذه التسمية ، فبادر بالكلام ليبدد دهشتي ، نعم يطلق في هذه الايام على الشيء الذي يبري جلدك ، بأنه مقطاطة والدولة تقوم بهذا الدور منذ اكثر من سنة بعد انخفاض اسعار النفط والكساد الاقتصادي . فسألته وهل يشمل هذا القَّطٌ الجميع ؟ فضحك نافيا ذلك ، فالنواب والوزراء والدرجات العليا غير مشمولين بذلك ابدا فقد ارجعوا مثلا اموال سابقة لكل نائب بحدود اربعين مليون دينار.
توقفنا في اكثر من بارك لوقوف السيارات وكانت الأجرة خمسة آلاف دينار فقال قريبي لقد كانت ألفين وكأقصى حد 3 آلاف دينار قبل اشهر قليلة ، سألنا المسؤول عن البارك عن السبب ، فأجاب انها الدولة التي ضاعفت ايجار البارك الى نسبة 100% في الشهرين الماضيين ، وباركات اخرى تسيطر عليها جهات متنفذة تجبي منها اموال طائلة وتم اغلاق اي بارك غير غير تابع لها ضمن مناطق عملها .
جميع هذه الزيادات تعود على كاهل المواطن ، فأينما يذهب تقطه دوائر الدولة وهي فعلا ينطبق عليها المصطلح الجديد ” الدولة المقطاطة”.