23 ديسمبر، 2024 7:31 ص

الدولة المدنية منهج وعمل.. وليس انتهازية ودجل

الدولة المدنية منهج وعمل.. وليس انتهازية ودجل

الدولة المدنية هي دولة  تتعامل مع الشعب على حد سواء بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو القومية أو العرقية أو غيرها من حيث الواجبات والحقوق، وحماية الجميع، قائمة على أساس مجموعة من المبادئ التي ينبغي توفرها مجتمعة دون نقص لأي منها، وإلا فلا يمكن أن تقوم الدول المدنية، ومن أهم تلك المبادئ  تحقيق السلام والتسامح، وقبول الآخر والمساواة والعدل بحيث لا يتعرض أي فرد فيها إلى انتهاك لحقوقه أو اعتداء على مقدساته وحريته، من خلال وجود السلطة والقانون العادل الذي يخضع له الجميع، كما أن مبدأ المواطنة هو الثقافة التي ينبغي أن تسود وتطبق، بمعنى أن كل فرد هو عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات فلا تمييز مهما كان نوعه أو شكله، والدين في النظام المدني عاملا في بناء الأخلاق  ومصدر طاقة نحو البناء والتقدم والتطور فهي لا تعادي الدين وإنما ترفض تسييس الدين وتوظيفه واستغلاله لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الوطن والمواطن.
بعد التجارب السابقة الفاشلة المريرة  التي مر بها العراق وشعبه والتي ساقته من سيء إلى أسوأ حيث القمع والتمييز والإقصاء والتهميش والحرمان وفقدان الأمن والأمان وتسلط الفساد والمفسدين واحتكار السلطة والقرار بات من الضرورة جدا الدفع باتجاه إقامة حكومة مدنية خصوصا وأن هذه الضرورة أدركها الشرفاء والعقلاء والشعب المنتفض وهذا واضح من خلال المطالب التي يرفعوها والدعوات التي ينادون بها وفي طليعتهم المتظاهر والناشط الصرخي الحسني الذي جدد دعوته إلى بناء حكم مدني في معرض إجابته على سؤال وجه إليه في اللقاء الذي أجرته معه قناة التغيير الفضائية حيث قال : ((ومن هنا ندعو إلى حكم  مدني عادل منصف لا يخالف الخط العام للدين والأخلاق)).
وإذا ما أردنا تحقيق الحكم المدني فينبغي أن يُفهَم معنى المدنية ويُرسَّخ ويُعمَّق ويتجلى في السلوك والمواقف ولا يكون مجرد شعار ولقلقة لسان كما يفعله الانتهازيون وخصوص الإعلام وبعض المحللين والمراقبين ومن يقف ورائهم من مؤسسات دينية وغيرها، الذين يريدون ركوب موج التظاهرات إذ يحاولون اختزال قرار ومصير شعب ووطن في رمز ديني محدد لدرجة أنهم يسرقون جهود وتضحيات المتظاهرين ويلصقوها به، أو رفع شعارات وهتافات تشير إلى جهة معينة في حين أن العراق  بلد متعدد الأطياف، وهذا يعني تغييب وإقصاء لبقية الرموز  والمكونات وهو بحد ذاته ضرب لمبادئ الدولة المدنية وعودة إلى مربع التمييز والإقصاء وديكتاتورية الرأي والقرار الذي يتظاهر الشعبُ اليوم ضده، ومن هنا ينبغي على الشرفاء الأحرار الذين يعملون من اجل الوطن والمواطن التصدي لمثل هكذا محاولات انتهازية قذرة تؤسس لذات المفسدين.