اصبح التغيير هو ما يشغل بال الجميع في العراق شعبا و حكومة التغيير السياسي و التغيير الاقتصادي و التغيير الثقافي جميعها مطالب شعبية تبلور بعضها ليكون واقعا حي يحاكي طموح و رغبة الشارع فبرزت قوى سياسية جديدة و تطورت لغة الثقافة السائدة و تغييرت الصورة التي اعتاد عليها العراق لفترة قد لا تكون كبيرة لكنها ليست قليلة ايضا لخلق مناخا ملائم للحديث عن الشكل الذي ينبغي ان يكون عليه العراق بعد تجارب ليست فاشلة و حسب بل كان لها الدور الكبير في ما يعيشه المواطن العراقي من اوضاع لا تليق به.
جميع الانظمة التي حكمت العراق كان لها صبغة تميزها عن غيرها كالملكية العميلة و انقلاب يحكم و حزب واحد و نظام محاصصة و لم يكن للشعب دورا في وصولها او الاطاحة بها عن الحكم حتى النظام السياسي الجديد رغم انه مبني على صوت الناخب نوعا ما الا انه محكوم بإطار له صبغة طائفية يعتمد على المناطقية اكثر من اعتماده على الكفاءة مثلا او نهجا سياسي او برنامج عمل يخدم المواطن.
و لان الشعوب يغلب عليها المزاج و تبدأ بفقدان شهيتها حتى للانظمة التي كانت تطالب بقيامها و لكنها فشلت في استغلال التأييد الشعبي لتحقق غايات و مأرب اخرى لا علاقة لها بالشعب الامر الذي يستوجب معه البحث عن البدائل ليس فقط لتلبية المطالب الشعبية فقط بل للحفاظ على الدولة و ضمان استمرارها و الا فإن احزاب النظام السياسي العراقي الحالي لم تفشل في خدمة الجمهور بل اصبح بقاء هيمنتها يمثل تهديدا لوحدة العراق بسبب ثوابتها و خلفياتها العقائدية.
طبعا بعد معرفة الشعب لاسباب الفشل و خطره على مستقبله و قبله مستقبل العراق كدولة صار يبحث عن التوجهات السياسية الواقعية التي تستخدم السياسة لمصلحة الدولة بمفهومها القانوني و الشعب بمفهومة العام دون تمييز او تفضيل لمواطن على حساب مواطن اخر و تعتمد على المدنية و العلمانية و الافكار السياسية التي انتجت دولا متطورة و مستقرة يكون للقانون فيها الكلمة الفصل بعيدا عن اي مسميات اخرى.
في ضل الظروف التي رافقت حكم احزاب الاسلام السياسي على المستويات كافة اصبح قيام الدولة المدنية امرا لا مفر منه و من المفارقات ان الاحزاب الاسلامية نفسها بدأت تشعر بشيوع الفكر المدني العقلاني و صارت تضفي صفة المدنية على نفسها و تردد عبارة الدولة المدنية في الخطابات مجاراة ً للاغلبية المدنية التي تزداد يوما بعد يوم كنتيجة طبيعية و ضرورة لا بديل عنها ادركت الأحزاب الحاكمة انها لم تعد خيارا يستخدمه الشعب بل وسيلة لانقاذ ما تبقى حطام الدولة.