23 ديسمبر، 2024 11:11 ص

لم تكن مراكز الابحاث الامريكية قد اخطأت في تقييمها للدول الفاشلة في العالم عندما اختارت العراق كواحد من أبرز عشر دول فاشلة ، وقد جاء هذا التقييم  هذه الايام من شهر تموز لعام 2012 ليزيد من الطين بله عبر مجلة ( فورن بوليسي ) والتي تعتبر واحدة من اشهر المجلات داخل الولايات المتحدة الامريكية . وعلى الرغم من مرور تسع سنوات لممارسة الديمقراطية داخل العراق بعد سقوط نظام البعث الدكتاتوري عام 2003 إلا ان العراق ظل ومازال في طليعة الدول الفاشلة بامتياز وعلى كافة الاصعدة سواء كانت اقتصادية او اجتماعية او سياسية ، واما الجانب الامني فالفشل يلف به من كل جانب ويعتبر العراق من اخطر بلدان العالم حيث الانفلات الامني المستمر على طول الطريق عبر التفجيرات والقتل والتفخيخ واغتيالات كاتم الصوت والعبوات اللاصقة  والسلب والنهب واستفحال الجريمة وسرقة البنوك من قبل حمايات السياسيين وضلوع كبار المسوؤلين بعمليات ارهابية وتمويلها ومن ثم هروبهم خارج العراق بعد ان تسهل لهم كتلهم السياسية عبر المحاصصة عملية الهروب ! وثمة الكثير من المشكلات التي يعاني منها، والتي تشمل كافة محافظات العراق إذا استثنينا اقليم كردستان والذي يعمل كدولة منفصلة تماماً عن العراق لا تربطه بها غير الاستحقاقات المالية التي تأتي الاقليم من الموازنة  المركزية العامة واستحواذ الاحزاب الكردية على بعض الوزارات والمناصب العليا في الدولة العراقية داخل العاصمة بغداد بحجة الاستحقاق القومي !.
ولعل اختيار مراكز الابحاث الامريكية للعراق كدولة فاشلة الى جانب الصومال وافغانسان واليمن ودول اخرى هو بمثابة صدمة كبيرة للوطن العراق كأرض وكشعب باعتبار ان هذا البلد هو من اغنى بلدان العالم فهو يمتلك ثاني احتياطي نفطي في العالم  وكذلك كبلد زراعي وفيه نهري دجلة والفرات وارضه تحمل الكثير من الثروات الطبيعية والمعدنية مثل الكبريت والفوسفات والزئبق وغيرها ، كما وان العمق التاريخي للعراق الذي علم الشعوب القراءة والكتابة واسس لاولى الحضارات في العالم ، إلا ان الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق بعد عام 2003 والتي تتحدث غالباً عن الديمقراطية والحرية كان همها الاوحد الحصول على المناصب والرواتب العالية ، الامر الذي استفحل بشكل خطير جداً الفساد المالي والاداري وبدأ ينخر بجسد الدولة الحديثة التي بنيت على أسس المحاصصة الطائفية والاستحقاقات القومية وتقسيم ثروات البلاد ما بين الكتل السياسية والتي اغلبها كان في الزمن القريب متعاوناً مع نظام صدام قبيل السقوط ! وقد ترك الحبل على غاربه وادخلت هذه الكتل العراق في خلافات سياسية لا اول لها ولا آخر وكان انعكاس تلك الخلافات على الشارع العراقي عبر التفجيرات الارهابية التي يفتعلها السياسيون فيما بينهم وقسم منهم يرتبط باجندات خارجية ومع تنظيم القاعدة لافشال كل ما من شأنه نجاح العراق وشعبه ، وهكذا ظل العراقيون يومياً ينزفون الدماء حتى صارت نسبة الدماء اعلى من منسوب المياه داخل الانهر بعد ان قطعت دول الجوار حصص العراق المائية مثل تركيا وايران خاصة في نهر دجلة الذي يعاني شحة كبير في مياهه.
ولم تتمكن حكومة المالكي في سلطتها التنفيذية من تنفيذ مشاريع خدمية للشعب العراقي على مدى سنوات مضت الامر الذي ظل الفرد العراقي بلا كهرباء ولا ماء ولا كساء لشوارع مدنه ولا حتى توفير الحد الادنى من الخدمات بالرغم من المظاهرات التي قام بها العراقيون قبل عام وحاولوا الدخول الى المنطقة الخضراء لتهديمها فوق روؤس سكانها إلا ان الحكومة تمكنت من ضرب المتظاهرين ومن ثم وعدتهم بمهلة شهور قليلة ولم تلتزم بوعودها ! فمن الطبيعي ان تكون الدولة العراقية فاشلة وبأمتياز ، انها الفشل بذاته !
لكن المشكلة الجوهرية ان هذه الحكومة ومجلس النواب والكتل السياسية لم تكترث لهذه البحوث ونتائجها المحرجة للعراق ما دامت تسرق بثروات الشعب العراقي المغلوب على امره ، ولعل شهر رمضان الذي استقبله العراق في يوم الاثنين الدامي وسالت دماء الابرياء في كافة المدن العراقية كان عبارة عن تدمير واضح واستهداف للانسان العراقي يرافقه سكوت الحكومة ، ولا نعرف اين تذهب اموال العراق التي تعادل ميزانيات دول ! ولم تتمكن الحكومة من سد الثغرات الامنية ولا من ايصال التيار الكهربائي للشعب العراقي الذي يتحمل المسوؤلية الاولى بأختياره في الانتخابات لهذه الاشكال التي تحمل اغلبها شهادات مزورة ! ولا يسعني إلا ان اقول :
مبروك للعملية السياسية الديمقراطية التي جعلت من العراق كأفشل بلد في العالم !!