12 أبريل، 2024 9:41 م
Search
Close this search box.

الدولة العلمية والثورة

Facebook
Twitter
LinkedIn

الدولة العلمية والثورة /الجزء الثاني -1
(1)

تغيير الواقع البائس في العراق الذي يمضي الى الهاوية منذ عقود الى حال افضل هو ليس هواية للمناظلين الوطنيين الطوباويين او العلميين( ان وجدوا) وغيرهم ولكنه محاولة اخيرة لانقاذ العراق من مصير مدمر على يد القوى المحلية الاجرامية الفاسدة المتعفنة والقوى الاقليمية المستشرسة والقوى الدولية العدوانية في عصر تحول الراسمالية العالمية الى مرحلتها الاخيرة, مرحلة الفساد الاعظم والخراب البيئي والاجتماعي والسياسي والحروب واسعة النطاق والخراب الاقتصادي الشامل الذي يقود البشرية حثيثا نحو الفناء المحتم!. وصعود الصين الذي قد يقلب مصير البشرية راسا على عقب!

واستيقاظ قوى جديدة لتجد فرصتها التاريخية في العصر الحديث من اجل النهب والتوسع تحت شعارات ومسميات جديدة قديمة ومن ذلك قوى الانحطاط والاجرام والفاشية الدينية في تركيا وايران التي نهضت من رقدتها الطويلة بدعم من قوى عالمية خفية تخطط وتعمل للعبث بامن العالم من اجل اهداف قريبة وبعيدة, لتعود للساحة من اجل استعمار العرب وغيرهم من جديد بدعم من قوى دينية او قومية او عشائرية محلية تبشر بالعبودية الجديدة تحت شعارات دينية مضلة ضالة لطالما استخدمت عبر التاريخ وحققت اهداف خطيرة,…

(2)

ان اكبر تحديات البشرية هو التكاثر السكاني غير المسيطر عليه وخراب بيئة الارض بفعل الصناعة المتسعة بسرعة الذي يودي الى تداعي خطير وانتشار الامراض الطبيعية او المصنعة والى تصارع لاحد له وغير مسيطر عليه لقوى قديمة وقوى جديدة على الساحة وفي خضم ذلك الصراع الحيواني الشرس يسقط الضعفاء صرعى تحت اقدام الاقوياء….والمثال الصارخ على ذلك هو ماحصل للعراق منذ عام 2003 بل من عام 1980 عندما تحول العراق الى اله محلية واقليمية للحروب والحصار والموت والدمار من اجل الاخرين واصبح العراق كبلد وشعب مهدد بالتقسيم والتدمير الشامل على يد قوى دينية وقومية وعرقية وعشائرية مستهترة تمتد باستهتارها من جيل الى اخر وتسلم الراية من الاباء الى الاحفاد في سعي شامل للتشفي من العراق وتحطيمه لاسباب اجرامية مرضية عدوانية تجسسية.

ماكان العراق ليسقط في الفخاخ لو توفرت له قيادة حكيمة حقا تتجنب ذلك وتفهم الواقع تماما والامكانات وتستند الى العلم والعلماء وليس الى باعة السبح والمحابس والحملةدارية ومن قبل الى الاشقياء والى نواب الضباط والعرفاء (مع الاحترام لدورهم المحدد في سلم الوظائف الذي لايجب ان يتعدى الى ماهو ابعد من ذلك وتلك مشكلة حقيقية في العراق لاسباب اجتماعية ونفسية ودينية!).

ولكن البلاد التي يسيطر عليها ارث اجتماعي وعشائري وفردي وقومي سقيم ادى الى انتاج قيادات منحطة قادت البلد للهلاك ومن اوضح الامثلة هو صدام القروي البدوي العشائري المصاب بعقد وامراض نفسية واجتماعية خطيرة, ومختار العصر القروي الطائفي العشائري الديني وكل منهما حمل معه للسلطة كل تلك الاثقال المتعفنة لتحكم البلاد بنفسها بدلا عنهما وتقودها للكارثة المحتمة!

ليس ذلك الارث خطرا بحد ذاته ولكنه خطر عندما يقوم بتوجيه السلطة, ولذا فان ثقافة جديدة يجب ان تبنى فلا يجب ان يوجد قائد او حاكم او موظف في الدولة او عسكري او شرطي او ضابط الخ بلا ثقافة وهوية وسلوك الدولة التي يجب تحديدها ونشرها والالتزام بها بصرامة من قبل الجميع, وان تحقن في مفاصل الدولة حقنا بالعلم والعمل والمراقبة ووسائل الاعلام والامتحانات والموتمرات وان يتم معاقبة كل عنصر في الدولة لايلتزم بذلك!, ومن لايريد الالتزام بثقافة وتقاليد الدولة فلايجب ان يبقى فيها ويمكنه ان يعتنق مايريد من ثقافات ان لم تكن خارج اطار القانون, على ان يتم محاربة كل الثقافات والعادات والتقاليد المنحطة المعادية للتقدم والعلم بهدوء وتدرج وتعقل وبالقوة ان استلزم الامر عندما يخرج احد ما على القانون.

(3)

المعركة من اجل انقاذ العراق لايجب ان تكون معركة عاطفية فقط بل يجب ان تكون علمية تماما وتستند الى التحليل العلمي الموضوعي والى الوسائل العلمية المجردة في التحليل والاستنتاج.

في البداية يجب تحديد الواقع الراهن العراقي المحلي والاقليمي والدولي, والعلاقات المتشابكة والقوى الفاعلة والمنظومة القيمية والدينية والنفسية والاجتماعية في العراق.

ويجب تحديد امكانات العراق البشرية والمادية الحالية وتلك التي ستنهض ان توفرت القيادة الحقيقية للبلد وان توفرت النظرية العلمية للتغير.

ثم يجب تحديد الاهداف المطلوبة! وليست تلك الاهداف هي مجرد شعارات انتخابية او سياسية لايمكن تحقيقها بل انها اهداف واقعية علمية يمكن من خلال تحديد امكانات العراق الحالية والمستقبلية تحقيقها.

ثم يتم البدء بتحديد الوسائل للانتقال من الواقع الحالي الى الاهداف….

مشكلة الثوريين انهم يريدون التغيير السريع الذي يصل احيانا لحد التهور الذي يقود لتحطيم الثورة على يد اعدائها.

ان القيادة هي علم وفن, انها علم يستند على دراسة كل التجارب السابقة وعلى الدراسة العلمية فمن المحتم ان يدخل العلم قريبا حتى في اتخاذ القرارات السياسية وان هناك مناهج علمية وحسابات تغني كثيرا عن التنظيرات الغبية والقرارات المستهترة لبعض القيادات الثورية عبر التاريخ كمثل!

(4)

الان يجب تحديد من هم اعداء العراق, وذلك دون تجني على احد ويجب تحديد هل يجب ان يبقى من هولاء باقية… وكيف يمكن تحقيق ذلك وكيف يمكن ضمان ان لايعود هولاء من جديد يوما ما, اي ان السيطرة على السلطة لاتكفي لتحقيق اهداف الثورة مع وجود هولاء وان كانوا محيدين, اذ يجب دراسة الاسس النفسية والفكرية والسياسية والاقتصادية والتاريخية التي اوجدت هولاء وكيف يمكن ان لاينشا وضع جديد يسمح بعودتهم من جديد.

ان كل الوسائل الثورية يجب تكون جاهزة ويجب ان يعامل هولاء بما يستحقونه اما عن طريق محاكم عادلة لاتظلم احدا او ان يتم استخدام بعضا من هولاء للعمل من اجل تحقيق اهداف الثورة…

ان تحقيق اهداف الثورة او حتى قبل الوصول لها يستلزم دراسة وافية, ان تحقيق الثورة يمكن ان يتم سلميا ولكن ذلك يجب ان يستند الى ان هناك اهداف يمكن تحقيقها بسرعة واهداف اخرى لايمكن تحقيقها الا عبر عقود او ربما قرون!!

مشكلة الثوريين انهم يظنون انفسهم في حلبة مصارعة لابد من الحسم فيها بسرعة ولكن الحقيقة ان زيادة وعي الناس ليس امرا هينا ولكنه يمكن ان ينمو ببطء او بسرعة حسب الظروف وان وعي الناس احد اسس الثورة لتحقيق اهدافها, وان مقاومة القوى المعادية ليست سهلة وان اللعب مع الكبار في العالم امر في غاية التعقيد ويحتاج الى مطاولة وصبر لايمتلكها معظم العراقيين! من الثوار وغيرهم.

ان دراسة تقاليد وفلسفة وتاريخ الشعوب امر مهم جدا للثوريين لاستنتاج العبر والتجارب!

ولدينا الان الصين كمثال.

يجب ان يكون التخطيط والعمل من اجل تحقيق الاهداف ليس عملا قصيرا بل يجب ان يكون عملا مطولا يستلزم صبرا ومثابرة وتجنب المعركة مع العدو عندما يختارها هو بانتظار فرصة ساحنة لسحقه دون شفقة ولارحمة ولكن بعدل تام!
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب