يقول ألآمام علي لوالي البصرة :- سمعت أنك دعيت لوليمة غينها مدعو وفقيرها مجفو “
فأين نحن من ذلك الحس الرقابي , وأين نحن من تلك المسؤولية التي تقول لعقيل بن أبي طالب : ثكلتك الثواكل ياعقيل أتئن من حديدة أحماها صاحبها للعبه ولا تخاف من نار سجرها ربها لغضبه ؟
لماذا أصبحت الصحف ألآمريكية تتندر علينا بمن سمته صاحب الدجاج وصاحب العرق ” الخمر ” وهم من سماهم المالكي قادة عسكريين سلموا الموصل وتكريت وكركوك لعصابات داعش حتى ظن الناس أن الجيش العراقي لم يستطع مواجهة داعش ولم يعلموا أن القادة الخائنين الفاسدين الجبناء هم من هربوا وتركوا جنودا غير مدربين وغير متسلحين بالعزيمة القتالية وألارادة الوطنية فقلدوا قادتهم ونزعوا ملابسهم العسكرية وتسسللوا بين المدنيين هربا وفرارا فمنحوا عصابات داعش فرصة ذهبية لايحلموا بها وتركوا لنا عارا نغص بحشرجته ؟
وأذا حللنا تلك الحالة ” العار ” نجد ورائها يقف ثالوث : الرشوة , والواسطة , وألاكرامية والتسول ليس ببعيد عن ذلك الثالوث .
وبنظرة فاحصة للمجتمع العراقي نجد فيه ألاصناف التالية :-
المرتشين وهم كثر تغص بهم دوائر الدولة ولا تستثنوا دائرة واحدة مع أحترامنا للشرفاء الذين أصبحوا مبعدين ومجمدين لاحول ولا قوة لهم في دوائرهم , وأخطر مراحل الرشوة في المجتمع والدولة عندما تمارس المرأة الرشوة فمن تمارس الرشوة من النساء مستعدة أن تمارس كل الموبقات , لآن حياء المرأة أثمن شيئ في حياتها , فعندما ترتشي المرأة يسقط حياؤها
المزورين : وبلغ عددهم عشرات ألالوف كما تظهر أحصائيات مفوضية ألانتخابات ووزارة التعليم العالي ووزارة التربية والصحة وهؤلاء المزورون مدعومون من قبل ألآحزاب حالهم حال المرتشين الذين يتربعون اليوم مناصبا ومواقعا في الدولة والحكومة والمجتمع .
مروجي الواسطة : وهؤلاء هم كبار الموظفين من مدنيين وعسكريين بحيث أصبحت الواسطة ثقافة عند الناس , وأصبح الموظف الذي يحصل على درجة رئيس قسم أو معاون مدير عام أو مدير عام تظل ألاسئلة تدور من حولهم عن واسطتهم التي أوصلتهم الى هذا المكان , أما شراء وبيع المناصب الوزارية والمناصب الخاصة فقد فاحت روائحها حتى راحت ألاحزاب تتنابز بذلك مما جعل ” الهمزة اللمزة ” حديث المكاتب الحزبية وهي بؤر الفساد في الدولة والمجتمع , فالولائم التي تقيمها ألاحزاب في ألانتخابات وفي مناسبات تفتعل فيها شعارات الوطنية والخدمة العامة فتتحول الى ولائم تذبح فيها مئات الخراف ومن يقترب من مدن الشريط الصحراوي فنحر الجمال يصبح تفاخرا لآصحاب الجيوب التي أمتلآت من مال المقاولات والسرقات بأسم ألاكراميات والهدايا .
التسول : من يراقب تقاطع الشوارع والساحات في كل المدن العراقية يجد من يتسول من مختلف ألاعمار من ألاطفال الى الرجال والنساء , هذا فضلا عن الذين يجولون في أحياء المدن يطرقون المنازل متسولين بحجج كثيرة أهمها دواعي المرض وأجراء العمليات , وهؤلاء هم أفضل من ألاطباء الذين يجبرون المرضى على أجراء عمليات لالزوم لها سوى أخذ المال , ولا تسأل عن المبالغة في ألاسعار لفقدان الرقابة فلاوزارة الصحة ولانقابة ألاطباء معنية بما يجري , ومثلها هيئة النزاهة ودوائر مايسمى بالمفتش العام لم تعد معنية بمايجري من فساد لآنها هي أصبحت جزءا من الفساد العام الذي يضرب بأطنابه في طول الدولة وعرضها ويضرب الحكومة من وزرائها الى وكلاء وزاراتها الى المدراء العامين الى رؤساء ألاقسام حتى الوصول الى كاتب الصادرة والواردة أصبح دكتاتورا على المواطن وحتى معتمد البريد بفضل مايسمى صحة الصدور أصبح عنوانا جديدا للآكرامية والتملق والتزلف الذي يمارسه معه حتى كبار الموظفين , أن ألاكرامية هي لون من ألوان التسول والرشوة , فهي في محلات بعض المهن تسول وهي في الدوائر الحكومية رشوة موصوفة لايمكن تبريرها بغير ذلك , لهذه ألاسباب جميعا رأينا كيف دب الفساد لمسؤولي الجيش والشرطة وألامن , وكيف أجتاح دوائر الدولة بحيث أصبح المهندس والطبيب وألاستاذ والقاضي والمحامي والمقاول والتاجر وعامل البناء والموظف يتعاطون الرشوة بأساليب مختلفة , وتبقى ظاهرة ألاكرامية في المستشفيات الخاصة والحكومية تعبيرا عن نفسية التسول التي أنتشرت في أوساط أجتماعية لم تكن ليصلها ذلك ألآنتشار لولا تردي وتدني التربية ألاسرية , وتدني مستويات الثقافة العامة التي جعلت مراسل القنوات الفضائية يتقبلون كارتات الموبايل وألاكراميات التي تحولت الى طريقة للحصول على اللقاء أو نقل التصريحات ولهذا كثر ظهور وجوه لاتنتمي للثقافة والسياسة ولا تعرف ألامن ولم تعمل في ألاجهزة ألامنية ولكنها تقدم على أنها من خبراء ألامن , مثلما كثر تقديم مايسمى بالمحلل السياسي وهم ممن لم يكتبوا مقالا في السياسة ولم يقدموا شيئا ملمومسا للثقافة , كل ذلك حدث ويحدث بسبب ثقافة الرشوة وألاكرامية ونفسية التسول التي وصلت الى شرائح حزبية تشارك في أدارة الحكومة وتتخذ من المجتمع حاضنة ومنطلقا لآشاعة تلك الثقافات التي تصنع ألانهيار .