23 ديسمبر، 2024 6:15 ص

الدولة التركمانية مشروع قومي وليس حلما

الدولة التركمانية مشروع قومي وليس حلما

على مر التاريخ شكل التركمان جزءا مهما من النسيج الاجتماعي العراقي ويعتبر من اقدم المستوطنين وسكنة اقدم حواضره التاريخية ، وقد مر التركمان بمراحل وفترات مد وجذر تبعا لطبيعة الانظمة السياسية والظروف الاجتماعية والاقتصادية عبر تاريخه الموغل بالقدم . وقد تأثر التركمان بالفسيفساء الاجتماعية المحيطة بهم وقد تعرض هذا المكون لحملات الابادة والقتل والتهجير وطمس هويته القومية وتهميش دورهم في العراق . وفي السنوات ما بعد سقوط النظام السياسي في العراق عام 2003 طفت سطح السياسة العراقية مظاهر العنف والطائفية والمذهبية وهي ابرز ملامحها حيث ارتفعت مناسيب الفساد المالي والإداري والسياسي والجغرافي مما جعل العراق والعراقيين امام اعظم التحديات الخطيرة ورغم كل هذه الظروف والتحديات لم يقف السعي الحثيث للأطراف الكردية والشيعية والسنية لنيل حقوقها السياسية والجغرافية حيث رتبت هذه الجهات كل الامور من استغلال المواقع والمناصب السياسية وتوزيع الاراضي وهي ابشع استغلال لتحقيق غاياتها ، وفي هذا الصدد يكفي لنا ان نضرب مثلا بارزا لتجربة الاطراف الكردية عندما نوهوا ومنذ مئة عام بتشكيل دولة كردية وهو حلمهم الكبير نجدهم في البداية طالبوا بالحكم الذاتي ومن ثم منطقة امنة ثم اقليم غير معترف وبعدها اقليم معترف به مرورا بتشكيل دولة كردية في العراق مما وصلت بهم  الحالة السياسية اصبح لكل حزب كردي مطلب قومي  ليملك اقليما في خارطة العراق وفي نفس الوقت ابدت الدول الاوربية وأمريكا مساندتها ودعمها للمسيحيين والايزيدين بتشكيل جغرافيتهم في سهل نينوى حفاظا على كيانهم في العراق ، اما التركمان فقد ظلوا متمسكين بشعار وحدة العراق بما يحملون من الروح الوطنية وحبهم وإخلاصهم فقد اصروا بحمل شعار وحدة العراق ولكنهم رغم مواقفهم الوطنية تم محاربتهم من قبل القوميين السنة طيلة سنوات الانظمة السياسية السابقة وبعد سقوط النظام السياسي في العراق ازدادت حدة معارضتهم من قبل الاطراف السياسية العاملة في العملية السياسية من قبل السنة والشيعة والكرد وبقي التركمان يدفعون ثمن انتمائهم القومي وفي ظل تلك الاجواء المظلمة علا صوت التركمان مدويا متمثلا بصوت النائب التركماني ارشد الصالحي رئيس الجبهة التركمانية العراقية ليضع النقاط على الحروف طالبا بتشكيل دولة تركمانية اسوة بالآخرين . الامر الذي لا يقبل جدلا او تأويلا وبناءا على هذا الموقف السديد الذي جاء ليحسم امر حقوق التركمان الجغرافي في العراق الذي جاء ليزيح الكابوس الذي كان جاثما على صدور المواطنين التركمان  منذ حقب تاريخية طويلة وإنها تشكل نقطة مضيئة في سجل المواقف القومية للحفاظ على مكانتهم وجغرافيتهم في العراق ، وهكذا تتواصل حلقات الاشراق في مسايرة التركمان البرنامج السياسي العراقي ابتداء بتأسيس ( ست دويلات ) لأجدادنا العظام في ارض العراق وانتهاءا بتشكيل دولة للتركمان في العراق الجديد  . وقبل ان نسترسل في الحديث عن الملامح الاساسية لصورة الدولة ينبغي ان تقدم لها تعريفا دقيقا يبرز اسباب ومسببات ودوافعها الاساسية لهذا المطلب الذي ربما جاء متأخرا ويعود السبب الى قصر النظرة البعيدة لمستقبل التركمان في العراق  وكذلك عدم وجود ارادة سياسية موحدة للقيادات السياسية التركمانية وان الارادة والحصافة السياسية تقتضي بعد النظر والاهتمام بمصير الشعب وحق تقرير المصير لهذا الشعب  بالاضافة الى عدم وجود او ضعف التخطيط الاستراتيجي وهو  صمام الامان لتحقيق الاهداف المركزية . ويقينا هناك رغبة شعبية عارمة في ضرورة وضع خارطة الطريق وقد كان اعلان النائب ارشد الصالحي في هذا الظرف كان  موقفا في غاية التوفيق إلا انها ومع كل الاسف لم تلقي اذانا صاغية ولم يلقى دعما سياسيا وشعبيا من قبل الاحزاب والمؤسسات السياسية التركمانية والأوساط الشعبية التركمانية وحتى على مستوى الاعلام الذي لم يكن موقفهم القومي بمستوى الظروف التي تتطلب الدعم والمساندة لأي طرح او مشروع قومي إلا ما ندر ولم يبقى لنا إلا وان نخاطب السلطة الرابعة وهي  السبيل الاهم لتحقيق الاهداف القومية وان شعبنا التركماني بأمس الحاجة الى اقلامهم الحرة ليعبروا عن مطالبهم وعن حقوقهم القومية في العراق مرحى لكل من يسجل موقفا قوميا مشرفا يذكرها الاجيال القادمة ..