23 ديسمبر، 2024 3:57 م

الدولة الاجرامية ومشروع ما بعد الاخوان

الدولة الاجرامية ومشروع ما بعد الاخوان

هنالك حقيقة واحدة لا يرغب أحد من القوى العالمية الكبرى الاعتراف بها على الرغم من كون كل المعطيات على ارض الواقع تشير الى أنها حقيقة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء الا وهي أن بعض الشعوب العربية تتعرض لابادة جماعية من قبل الجماعات الارهابية المجرمة المدعومة من بعض الدول الاقليمية ومن يقف خلفها من الدول الغربية الكبرى ، وفي المقابل ومع صمت الحكومات وعجزها عن حماية مواطنيها فأن الحال يبقى كما هو عليه الى اجل غير معلوم ، واذا تجولنا اليوم بين العراقيين البسطاء لعلنا نجد الالاف من الصور المأساوية عن أب فقد ابنه او زوجة فقدت زوجها او ام فجعت بأبنها بسبب تلك العمليات الارهابية ، ولعل الصورة الاخيرة هي الاكثر أيلاما لما غرزه الله تعالى من حب عظيم في قلب كل ام لابنائها ، وتلك الصورة هي نفسها التي حركت مشاعري وجعلتني أكتب هذا المقال ، أمرأة خمسينية بسيطة تسكن في أحد الاحياء الفقيرة في مدينة بغداد والتي تضم غالبيتها من الافراد المنحدرين من الجنوب ممن ظلموا في كل زمان وكان وعلى يد أبناء جلدتهم وعلى يد الاميركان ، كانت هذه المرأة تعيش راضية قانعة رغم الفقر المدقع ورغم الحرمان الذي تعاني منه مثلها مثل غيرها من أبناء هذا الشعب الذي لم يذق طعم الراحة منذ وجد في بلد الجغرافيا السيئة والمناخ الرهيب والتاريخ الاسود ، ومع جيران السوء الذين تأبى خستهم ألا أن تجعل العراق كرة من نار على مر الايام والسنين ففي ليلة ما جائها الخبر الذي فاجأها ، لقد تم أقتحام سجن بادوش في نينوى من قبل ما يسمى بتنظيم الدولة الاجرامية في العراق والشام وتم تصفية أعداد كبيرة من السجناء على خلفية طائفية كون الكثير من المحكومين في ذلك السجن هم من أبناء الجنوب.
وقد كان أبن هذه المرأة المسكينة هو أحد أولئك الضحايا ، وفي بلد مثل العراق فأن أرخص شيء فيه هو دم الانسان فلماذا أصبح الوضع على ما هو عليه اليوم ، ومن هو المسؤول عن موت أبن تلك المراءة المسكينة ، أن الدول التي دعمت تنظيم الدولة الأجرامية في العراق والشام ومولته وجهزت له المال والسلاح والممر الامن هي المسؤولة عن كل الجرائم التي أرتكبت وهذه الدول معروفة للجميع فالمشروع الذي تبنته تركيا الاخوانية وبعض دول الخليج مما سمي ظلما بالربيع العربي وعقب الهزائم التي مني بها تنظيمات الاخوان المسلمين في أغلب الدول العربية هي التي تبنت المشروع الداعشي كبديل لمشروع الاخوان المسلمين والسلطنة العثمانية بثوبها الجديد في مرحلة ما بعد الحكام الشموليين ولكن وبسبب الانتفاضات والحركات الجماهيرية التي أفشلت مشروع الاخوان فكان لابد من مشروع جديد يوحد الامة أيضا بأسم الدين من سوريا الى غرب العراق وحتى سيناء واليمن وغيرها ، ولكن وإن كان الاعداء يخططون وينفذون مؤامراتهم علنا وبهذا الشكل المفضوح فلم هذا التخاذل الكبير من حكومات لازالت متحيرة لا تعرف أين تضع قدمها مع الجنة او النار .. مع الحق او الباطل ، أن الساكت عن حقوق شعبه ودمائهم من المسؤولين خوفا على كرسي أو امتياز هو في حقيقة الامر شريك لأولئك بسبب تخاذله ولن يرحمه التاريخ ويوم القيامة سيحاسبه الله على تقصيره فلو كان لديهم ضمير حي لما ناموا وهم يرون ويسمعون يوميا عن الكثيرات من أمثال تلك المراءة المفجوعة .