23 ديسمبر، 2024 9:28 ص

الدولار والأمن العراقي هل من علاقة بينهما ؟

الدولار والأمن العراقي هل من علاقة بينهما ؟

منذ نحو ثلاثة شهور وسعر صرف الدينار العراقي في السوق العراقية الموازية يشهد تراجعا منتظما وحادا مفتقدا جزءا مهما من قوته الشرائية انعكاسا لارتفاع المستوى العام للاسعار نتيجة لارتفاع سعر صرف الدولار الامريكي ( الذي تغطى اغلب استيرادات العراق منه) في مواجهة الدينار العراقي واللافت ان سياسة تثبيت سعر صرف الدينار العراقي التي يعتمدها البنك المركزي العراقي لغرض مواجهة التضخم وتحقيق الاستقرار المالي اضحت اليوم بلا فاعلية لان التثبيت لا يتعدى أروقة البنك المركزي العراقي في حين ان السوق العراقية تشهد اليوم تراجعا مقلقا للدينار العراقي اذ يبيع البنك المركزي العراقي الدولار بسعر 1190 دينار في حين يرتفع هذا الرقم في السوق الموازية الى 1334 دينار وهو ما جرد السياسة النقدية العراقية من اهم ادواتها في ضبط التضخم وهئ لمافيا المال والمضاربون ارباحا خرافية تزيد عن 300 مليون دولار شهريا أي نحو 3600 مليون دولار سنويا وهو ما يؤشر الاخفاق الكبير للسياسة النقدية في العراق اذ ان تثبيت سعر صرف العملة المحلية ( الدينار) ينبغي ان يتمخض عنه سعرا واحدا للدينار مع عمولة بسيطة يحددها البنك المركزي وتلتزم بها الجهات ذات العلاقة وفي مقدمتها مكاتب الصيرفة التي يجب ان تعلن عن اسعار البيع والشراء للعملات الاجنبية مقابل الدينار العراقي . والغريب في الامر ان البنك المركزي لم يحرك ساكنا وهو يشهد هذا التراجع الكبير في سعر صرف الدينار العراقي وتداعياته الخطيرة على الاقتصاد العراقي اذ انه يستنزف جزءا كبيرا من العملات الاجنبية الشحيحة المتوافرة في العراق اذ البنك المركزي العراقي قد باع للمصارف حسب المعلومات المدرجة على موقعه الالكتروني

من تاريخ 2015/1/4 ولغاية 2015/6/1 (13,666,122,519) دولار. بمعنى آخر ان البنك المركزي العراقي قد باع لعدد محدود من المصارف لاتزيد عن 20 مصرفا و4 شركات للتحويل المالي في يوم واحد وهو الاول من حزيران اكثر من 289 مليون دولار بالسعر الرسمي في حين بلغت اجمالي مبيعات البنك المركزي خلال شهري ايار وحزيران من العام الحالي اكثر من 13.6 مليار دولار ومع ذلك تتسع الفجوة

بين السعر الرسمي للدينار والسعر في السوق الموازية . ان الارباح الهائلة التي تحصل عليها المصارف ومكاتب التحويل المالي غير مبررة اطلاقا وهي تمثل هدرا للمال العام بل هو سرقة في وضح النهار والجناة فيها معروفون والادلة موجودة وخاصة والعراق يخوض حربا ضروسا ضد تنظيم داعش الارهابي الذي يكلف العراق فضلا عن الدماء الزكية لابنائه في جبهات القتال فأنها حربا ذات تكاليف باهضة والبلد يحتاج فيه الى استحضار مكامن قوته العسكرية والاقتصادية والسياسية للدفاع عن وجود العراق .

ان المضاربة على الدينار العراقي هي حرب من نوع آخر المستهدف فيها ليس فقط الدينار العراقي بل الاقتصاد العراقي برمته الذي يشكل الركيزة الاساس للامن الوطني العراقي بل ان الانتصار في الحرب لابد ان يدعمه اقتصاد متماسك وفاعل ومستقر ولذلك علينا ان نعي جيدا ان المضاربة على الدينار العراقي قد تكون جزءا من مخطط خارجي يستهدف انهاك الاقتصاد العراقي من خلال امتصاص الاحتياطيات النقدية للبنك المركزي العراقي وتهريب العملات الاجنبية الى خارج البلد او اضعاف الاقتصاد من خلال الارتفاع الكبير للاسعار والتأثير سلبيا على مستويات معيشة المواطنين لاحداث شرخ بين الشعب والحكومة . ولذلك نرى ان مسؤولية الحفاظ على سعر ثابت ومستقر للدينار العراقي يتطلب ادارة وسياسة واضحة يعتمدها البنك المركزي من خلال حصر بيع العملات الأجنبية بمكاتب الصيرفة او زيادة حصتها من العملات الاجنبية على ان يتبع ذلك مراقبة عمليات البيع والشراء للدولار على وفق سعره الرسمي وسحب رخص العمل من المكاتب التي لاتلتزم بتعيمات البنك المركزي واحالة اصحابها للقضاء وهناك مقترح آخر على البنك المركزي ان يفكر فيه جيدا اذا ما اخفقت الآلية الاولى وهو توزيع جزء من رواتب الموظفين بالدولار لان هذا الاجراء من شأنه ان يزيد من عرض الدولار في السوق العراقية وقد يسهم في خفض سعره وتحسين سعر صرف الدينار العراق.