أيام مرت على تشييع العشرات من الأطفال الذين قضوا في قصف سعودي لباص كان يقلهم ، ومثل هذا الحادث قد تكرر عشرات المرات بشكل لا يمكن السكوت عليه ، بحيث أصبح من الواضح جدا ، أن السعودية تمارس حرب إبادة ، وسط الخرس العربي التام عن هذه الجرائم ، التي جعلت بشاعتها الأوربيين ومنظمات حقوق الإنسان يطالبون بإقاف هذه الحرب – العار ، تلك الحرب التي دقت آخر مسمار في نعش القومية العربية ..
حسب قناة DW الألمانية ، فإن تحالف العار العربي المتمثل بعاصفة الحزم ، قد شن أكثر من 15 الف غارة على اليمن ، كانت حصة المدنيين منها أكثر من الثلث ، وإذا كانت الحكومات العربية قد سكتت عن ذلك ، بل إن بعضها قد شارك بهذا العار ، فلماذا خرست لدينا المنابر الدينية وخطب الجوامع النارية ، تلك التي يعلوها وعاظ السلاطين في العالم العربي ؟ ، لا أجد جوابا سوى أن هؤلاء الضحايا في نظرهم يستحقون القتل ، ولكن لماذا ؟ من هنا تطل العنصرية والطائفية المقيتة ، كونهم شيعة ! ، وحدهم هؤلاء الحفاة العراة يواجهون عدوا عنصريا طائفيا حاقدا لا يحترم الحياة ، خاليا من أي منطق وأخلاقيات الحروب ، بآلات عسكرية جهنمية حديثة بحرا وجوا وبرا ، هكذا إختفت مفردة “داعش” من الإعلام ، هكذا غُض الطرف ، عن الجرائم الإسرائيلية الشنيعة في غزة وثورات الجوع في العالم العربي وغيرها من الأحداث الجسيمة ، وحلت مكانها عبارات (ميليشيات الحوثي ، عدو الشرعية ) ، وتبعهم العالم العربي والعالمي كالببغاوات في تسويق هذه المفردات إعلاميا ، وصار ذلك الشغل الشاغل لقناة (العربية) وغيرها !، هذا الإعلام الذي حوّل الأنظار إلى إيران ، ولكي يحوّلوها إلى الداعم الوحيد الدولي للإرهاب العالمي (وهذا ما صرّح به المهرّج ترامب) وهو غير معقول ، إخترعوا مفصلا لبث شيء من المنطق في هذا اللامعقول ، المسألة شبيهة بوضع سُلّم من درجة واحدة للنزول من علو شاهق ، فخلطوا الأوراق بإفتعال الأزمة مع قطر ! ، وكأن المليارات التي ضخها شيوخ الخليج لتقوية شوكة الإرهاب لم تكن ! ، وكأن الفكر التكفيري المحرك لهذه الدواب ، من بناة الأفكار الفارسية ! ، وكأن جميع الفطائس الإنتحارية التي فرمت لحوم شبابنا ، كانت إيرانية مجوسية ! ، هذه التنظيمات التي أعادتنا إلى العصور الجاهلية ، لم تنفذ عملية واحدة داخل الكيان الصهيوني ، بل بدلا من ذلك ، فتحت المستشفيات الأسرائيلية أبوابها لمعالجة جرحى هذه التنظيمات التي منها ما يتلقى الدعم المباشر من أمريكا أصلا ، ! ، فكم من مرة ، أدى الجيش الأسرائيلي الخدمات تلو الخدمات ، بضرب قوات النظام السوري أو الحشد المنهمك بمحاربة هذه الوحوش لأيقاف مدّها الخطير؟!.
لديّ الكثير من المؤاخذات والإعتراضات على السياسة الإيرانية , لا أنكر أن أيران تنظر للعراق كحديقة خلفية لها ، ولكن لننظر إلى الأمور بهذا النحو ، أن ثمة إجتياح لهذه الوحوش وقد ابتلعت نصف مساحة العراق بعد آب عام 2014 ، ونعلم جيدا ، أننا أزاء عملية إبادة على غرار تلك التي يتعرض لها أطفال اليمن الآن ، وفقدنا كل الثقة بالجيش وبقوى الأمن التي فرّت من أمام مجرد فلول لهذا التنظيم ، وفوق كل ذلك ، علينا أن لا ننسى الموقف الأمريكي الذي ينضح نذالة ، بإيقاف كل شحنات الأسلحة للجيش العراقي ، رغم توقيع المعاهدة الأمنية مع أمريكا ، هكذا صار الدفاع مسألة وجود ، فلم يبق لنا سوى الله ، والحشد ! ، لكن المشكلة التي ظهرت فيما بعد ، أن الكثير من الفاسدين قد إستغلوا مظلة الحشد ، فتضعضعت صورته عن البعض .
علينا لا ننسى ، أن أمريكا قد وضعت سقفا زمنيا لطرد داعش قدره 3 سنوات ، وحافظت على هذا السقف ، بكبح أي أنتصار سريع للحشد أو الجيش ، من خلال ضربه عشرات المرات بحجة (ضبابية الحرب) ! ، لهذا نحن بحاجة إلى صفعة شديدة من يد تحمل رقعة لسد ثقب ذاكرتنا وإعادتنا إلى الصواب الذي فقدناه .
السلطات السعودية وعدت بإجراء تحقيق “شفاف” بملابسات حادث قتل الأطفال ، رغم رفضها الإعتراف بمسؤوليتها المباشرة فيه ، وها هي الأمم المتحدة ، تنتظر التقرير الذي قد يرفعة الجلاد ، مع علم الجميع أن للسعودية سجل (أسود ومصخّم) في مجال حقوق الإنسان ، لكنا عشنا في زمن ، أن كل ذلك يمكن أن يمحوه المال .
قناة DW الألمانية ، عرضت تقريرا عن شركة السلاح Rhienmetall الألمانية ، بسبب وقوع بعض هذه الأسلحة بيد السعودية بعد أن صورها أحد عناصر (Human Rights Watch) في اليمن ، التقرير كان يدين بشدة هذه الشركة ويلومها على إستخدام معداتها في حرب اليمن ، الألمان البعيدون جغرافيا وعرقيا ودينيا ، يشعرون بالعار من تصرفات هذه الشركة ، فكيف بمن يستخدم هذه الأسلحة مباشرة ضد أبناء جلتهم ، سوى لغرض طائفي – عنصري ؟ !.