احد الاصدقاء وضع على صفحته في الفيس بوك، حكاية رجل مات ابنه، وحضر الدفن، وراح الدفان يلقن الميت، لقنه وانتهى واراد ان يخرج، فقال الاب: لقنه مرة ثانية، فلقنه ثانية واراد ان يخرج، فقال الاب: لقنه مرة ثالثة، هنا ضجر الدفان واستفهم عن السبب ، فقال: ( ابني واعرفه، دائما ينجح بالدور الثالث، عساها بركبة وزارة التربية العراقية)، هذه قطعة التلقين مع التحوير باتجاه التربية، لان جرس الباب دق قبل ساعة ، هرعت لافتح ، فرأيته، انه طالب فاشل من الطلاب الذين درستهم ورسبوا لثلاث سنوات، نعم ابني ماذا تريد؟ سألني عن ابني الذي تجاوز المرحلة المتوسطة لهذا العام، فقلت ماذا تريد منه؟ احرج وبدأ يتلعثم، ابني قل ماذا تريد وانا ابلغه، فقال: استاذ تعرف اجانه دور ثالث، قلت نعم، اعرف، اتريد ان يساعدك في فهم المواد؟ قال لا، انا لا استطيع النجاح، لقد اشتريت سماعة، واريده (ان يردلي)، قلت: اذهب من هنا، هذه جريمة وابني لايشترك في جريمة كهذه.
قرة عين وزير التربية ومدراء التربية وقرة عين كل مشرف سبب خرابا في آرائه غير المدروسة، واجتهاداته الفجة التي لاتنبي عن تاريخ طويل او قصير في التربية، اتوا بهم من كل مكان، تصور ان مشرفا تربويا يقوم بتدريس الطلبة ( تدريس خصوصي) لاربع او خمس مواد وهو متخصص بالرياضيات فقط، لكنه يستغل الطلبة لانه مشرف متابع لمدرستهم، هل هذا المشرف التربوي يبني ام يدمر؟، هذا وامثاله تزخر بهم وزارة التربية وهم ينحدرون بالعملية التربوية الى الحضيض، الدور الثاني كان مليئا بسماعات الاذن، وسيمتلىء الدور الثالث، لان اغلب طلبة الدور الثالث من الطلبة اليائسين، مايعني انهم لم يخلقوا للدراسة، وانما خلقوا لمهن اخرى، وهذا الامر لايريد ان يستوعبه ولي الامر، ولاتريد ان تستوعبه وزارة التربية.
هذا الدور الثالث الذي تحاول وزارة التربية من خلاله ان تعالج اخطاءها الكارثية بحق الاجيال العراقية، لايقل تخريبا عن وجود داعش على ارض العراق، صدقوني ان المستوى العلمي صار في خبر كان، لم نعد نمتلك عقلية تقيم الدراسة والبحث العلمي، صار بحث الماجستير والدكتوراه يكتب في المتنبي بثلاث او اربع ورقات، وهذا بسبب وزارة التربية، فالتعليم العالي بريئة منه، لان وزارة التربية ومنذ اكثر
من ثلاثة عشر عاما تدمر وتدمر فقط، حاربت المدرس والمعلم وجعلته اللبنة الاخيرة في البناء التربوي، وصار الطالب مدللا ، يرسب سنة واخرى واخرى، واخرى ولا احد يحرك له ساكنا.
ان الطالب اليائس، او الطالب العراقي لايحتاج الى دور ثالث بقدر حاجته الى تقويم العملية التربوية، ومعالجة الاخطاء الكارثية التي وقعت بها الوزارات المتعاقبة، المحاصصة التي جعلت التربية في مهب الريح، هي التي دمرت بذرة الوطن المهمة، الطالب الصادق ، العقلية البسيطة التي في بداية مشوارها الحياتي، صارت عقلية تتمتع بالخطأ وارتكاب الجريمة، جريمة الغش، الغش الذي صار اولوية من اولويات الطالب قبل التفكير بالعلم والتحصيل، انهم يغشون ليتعينوا في دوائر الدولة، وهؤلاء اكثرهم من ابناء المستفيدين من التجربة العراقية بعد 2003، يرى اباه يغش ويسرق ويختلس، ويحاول ان يقلده، وابوه اقنعه ان ينتهي من الصف الثالث فيعينه، فهو يعرف فلانا في حماية الوزير الفلاني، ورأيتهم بام عيني يطلبون وثيقة للتعيين بعد الثالث وهم فاشلون، اننا نلقن الموتى في الدور الثالث ياسيادة الوزير.