23 ديسمبر، 2024 12:24 م

الدور الثالث في بلد من العالم الثالث

الدور الثالث في بلد من العالم الثالث

يسجن أي شخص بمجرد ان يتم القبض عليه متلبساً بسرقة دجاجة دون ان يمنح فرصة واحدة للتوبة والعودة لممارسة حياته الطبيعية الا بعد اكمال مدة العقوبة المخصصة لهذا الفعل فهذا هو قانون التعدي على حقوق وممتلكات الاخرين ونحن نحترم هذا الحق ونقدسه ..
لكن في الجهة الاخرى من حياتنا فأننا نخالف هذا الحق بصورة فاضحة فأننا عندما نضع مقررات دراسية لطلبة يفترض ان يكون جُل عملهم هو قراءة وفهم هذه المقررات من أجل حصولهم على مؤهل علمي يؤهلهم في الحصول على وظيفة بعد أن نعطيهم فترة ٦ أشهر هي الموسم الدراسيي للتعلم والمراجعة والمداولة والمناقشة ونخصص لهم اساتذة ونوفر لهم منشأت مخصصة لهذا الغرض وفي الفترة الاخيرة قررنا ان نصرف لهم رواتب ال…خ
وعندما اردنا أن نعرف هل ان طلبتنا تفاعلوا مع المقررات التدريسية وتمكنوا من استيعابها قررنا ان نجري لهم اختباراً في نهاية كل موسم دراسي لنعرف من استحق كل هذه المصاريف التي تنفقها الدولة عليه كي يخرج لنا طبيباً يعالجنا و مهندساً يشيد لنا صروحاً و محامياً يدافع عن حقوقنا و اعلامياً يناصر قضايانا ؟
وصار الأمر كالتالي من يجتاز الاختبار بطرق سليمة ومشروعة فقد أدى ما عليه ويستحق العبور الى المرحلة التالية
ومن أخفق فلا تثريب عليه فهناك دور ثاني
ومن أخفق فلا لوم عليه فهناك دور ثالث
ومن أخفق فلا تأنيب عليه فهناك عدم رسوب
ومن أخفق فلا عتب عليه فهناك الغاء ترقين قيد
ومن أخفق فلا ذنب عليه فهناك استثناء من معالي الوزير يعيده الى مقاعد الدراسة ..!
هذا هو حال التعليم في بلادي المزيد من الفرص والاختبارات من اجل المزيد من المتخرجين وبالمقابل المزيد من البطالة وبالتالي المزيد من المظاهرات والمناشدات للحصول على فرص عمل وبالنهاية المزيد من البطالة المقنعة ..

انني أجد التعليم في موطني قد اتخذ منحنى خطر وأخشى انه يتجه للهاوية مع مزيد من المكافأت من اصحاب القلوب الحنينة المرهفة الى طلبتنا الاعزاء بعد كل امتحان يؤدوه
أيها القائمون على التعليم هؤلاء الذين امامكم هم طلبة ليس الا يثابون بالتفوق ويعاقبون في التقصير
فهذه ليست محو امية فمن يتخرجون اليوم سيمسكون بزمام الأمر غداً في المصنع والحقل والمستشفى والمناصب العامة فهل هم مؤهلين لأن يكونوا في هذه الأماكن بعد أن أخفقوا في اجتياز امتحانين لنفس المادة في غضون سنة كاملة ؟
سادتي الأفاضل لا يجب التعامل معهم كناخبين ونرضي خواطرهم كونهم ابنائنا وفلذات اكبادنا على حساب مستقبل التعليم ومستقبل اجيالنا القادمة الذين يتحدد مصيرهم تبعاً للنظام التعليمي الذي نطبقه اليوم
ما حصل بالأمس يذكرنا بثقافة العفو وتبييض السجون بمكرمة من القائد متناسين تضحيات رجال الأمن الابطال وهم يفدون حياتهم من أجل ان ينال المخالفين عقابهم وتتحقق العدالة التي يعملون على تطبيقها ..
ويسألونك عن سر تخلفنا عن ركب الأمم .

هذه المقالة كتبت على هامش مظاهرة امام وزارة التعليم العالي تطالب بالدور الثالث والمأساة يقال انهم حصلوا على مبتغاهم
عذراً اخوتي الطلبة ان كنت قاسياً بعض الشيء ،، فالمسؤولية تحتم علي قول هذا
دمت لنا يا عراق .

*[email protected]