23 ديسمبر، 2024 4:39 م

الدوامة العراقية

الدوامة العراقية

إعلان نتائج الانتخابات العراقية التي جرت في 30/4/2014، لم تکن وفق توقعات مختلف الاطراف التي شارکت في الانتخابات، لکنها جاءت مرتبة و منظمة و موجهة بالشکل و المضمون الذي يوافق مزاج و أهواء طهران و يساعدها على ترتيب البيت العراقي کما يتفق و مصالحها و أجندتها الخاصة في العراق و المنطقة.

المشهد العراقي بعد الانتخابات العراقية، لم يأت بجديد و لاأسس لسياق و إتجاه يختلف عما کان سائدا، بل انه بقي او بالاحرى أبقى على الامور غامضة و غير واضحة المعالم، وإذا قمنا بعملية مراجعة دقيقة و متأنية لنجد من هو الطرف الذي يملك بزمام الامور و يمکنه توجيه الامور کما يريد، لوجدنا أن کلها لاتمتلك هذه الخاصية و الصلاحية، لکن و عندما نتذکر نفوذ النظام الايراني في العراق، نعرف دونما أي تردد أنه الوحيد الذي يملك کل خيوط اللعبة و يعرف کيف و أين و متى و بأي إتجاه يحرکها.

غرفة العمليات التي شکلها النظام الايراني بقيادة قاسم سليماني، قائد قوة القدس، حققت أهدافها(وليس هدفها)ضد کل الاطراف العراقية و أفمهتهم جيدا أن سليماني عندما أتاهم محاورا و يطرح إقتراحات ما، فإنه لم يکن أمامهم سوى الاستماع جيدا و فهم مايريد جيدا و تنفيذ مايترتب على ذلك جيدا، ولأن الاطراف المعنية لم تکن عند حسن ظن سليماني، فقد جعل لکل واحد منهم حجما دون ذلك الذي کان يطمح إليه، فليس هناك لاعب رئيسي و اساسي وانما کلهم سيلعبون کما تريد مصلحة النظام الايراني، وان الذين تصوروا بأنه يمکن السباحة عکس تيار نفوذ النظام الايراني، لابد أن يفهموا الان إستحالة ذلك، خصوصا فيما لو بقي الاصطفاف العراقي بالصورة الحالية حيث تشرذم و تفرد و إنقسام و إختلاف حتى في البيت الشيعي نفسه، والحق أن بريطانيا العجوز بحاجة لکي تأخذ درسا بليغا في مفهوم(فرق تسد)، وفق فهم النظام الايراني!

الاوضاع في العراق، أشبه ماتکون بالدوامة لکل من يتطلع إليها بدون أخذ طهران بنظر الاعتبار، وهذه الدوامة العراقية ضرورية جدا في الوقت الحاضر للنظام الايراني لأن هناك جولة محادثات مهمة قادمة في شهر حزيران/يونيو والتي قد يحاول المجتمع الدولي فيها شد الحبل أکثر على هذا النظام، ولهذا فإن الدوامة العراقية و المسلخ السوري و الرمال اللبنانية المتحرکة، کلها ستبقى على هذا الحال حتى يتم عبور النظام الايراني من تلك الجولة من المحادثات، وبعدها ستکون الاوضاع وفق ماتمليه ظروف و مصلحة طهران، لکن السؤال الذي يطرح نفسه دائما هو: الى متى إبقاء العراق و سوريا و لبنان کقطع شطرنج بيد النظام الايراني؟ وهل أن هذا النظام الهش المنخور داخليا و المهزوز دوليا و المنقسم

على نفسه سلطويا، يستحق هکذا دور على حساب دول و شعوب المنطقة؟ التأريخ سيسائل الجميع فهل ستتحملون عار السکوت على سطوة و هيمنة و نفوذ هکذا نظام على مقادير 3 دول عربية بصورة مطلقة؟ سؤال موجه للدول و الحکومات العربية دونما إستثناء!

*[email protected]