أحياناً تكون قوة الصمت مؤثرة كقوة الكلام، لذا يتحدث العمل الخالص النية بشجاعة كبيرة، ويمضي قدماً نحو السماء، ليحظى بقبول البارئ عز وجل، فيجب التركيز على أن الدنيا ملعب للإختبار والإبتلاء، ولكن دون عبث بمفاهيم الإنسانية، التي أودعها الخالق في النفس البشرية، رغم أنها أمارة بالسوء، على أنه من المفترض ترك الملذات الدنيوية، والإستعداد ليوم البعث والنشور، لأن الواحد القهار لا ينظر الى صورنا، ولكن الى قلوبنا، فإنما الأعمال بالنيات.
الروح تئن ألماً وحزناً على ما فاتها، وكأنها قد أجهدت نفسها، بحمل باقة ورد في يوم قائض، تحت شمس ملتهبة، فلا إستطاعت الحفاظ على الزهور، ولا حمت بدنها من قيض الحر، ورغم الأوجاع فالروح قد هدأت، وسأمنحها وصيتي، التي ما زالت ماثلة أمامي، كمعلقة خالدة رويت شفاهاً، لتمتد عبر جذور الماضي، الى زهو الحاضر، لإعداد المستقبل، شريطة الإلتزام بكل ما يرد بهذه الوصية، لأنها مبادئ وقيم تصلح لكل زمان ومكان.
العلاقة الإنسانية بين البشر بعيداً، عن الجنس، والعرق، واللون، والدين والمذهب، والطائفة، هي من تجعلهم يعيشون على أرض واحدة، دون منغصات أو صراعات، فكلكم من آدم وآدم من تراب، وبالتالي فالأرض واسعة، والنفوس قانعة، والشياطين قابعة، وإن لم تجعلوا لها سبيلاً عليكم، فلن تستطيع النفاذ اليكم، حيث اللسان يلهج بالإستعاذة منها، فلا يمسنكم نزغ، ولا رجس، ولا ذنب، لذا فأكرمكم عند الخالق أتقاكم، وما الشعوب والقبائل، إلا للتعارف والتلاقح وحسب.
العدل والظلم جبلان لا يلتقيان، فإذا إتفقت القلوب والضمائر، على تقديم الغالي والنفيس من أجل الحرية، كان ذلك الشعب حراً، يعيش عصر الكرامة والديمقراطية، فتقدم التضحيات ضد أنظمة القمع والطغيان، والعبرة فيما سيقدمه الأحرار للوطن على أرض الواقع، أما داعش (فما له بالبستان خلالة) فقاتلوا أئمة الكفر، وقد حان الوقت لئن تتوحد الصفوف، وتتشابك الأيدي، لإخراج خفافيش الظلام من أوكارها، فنحن عراق علي، الذي كان يأكل الشعير، ويخصف نعليه بيديه الكريمتين.
أسوء أنواع الجهل، ذلك المتوهم بأن مكارم الأخلاق، التي نادى بها الإسلام، هي قيم جاهلية بدائية متخلفة، لا تمت للحضارة بأي شكل، ولا تحفظ للأمة كرامتها، فعلى العكس إن الدين العظيم، الذي نزل على خير أمة، كتب قصة عظيمة، لرسول الرحمة (عليه السلام وعلى أله)، فكان دستور القرآن محكماً مدوناً، ببيانه تاريخ الماضين، والقادمين في عصر يسعى الراكضون، وراء الكسب الحرام، المسايرين لأذواق أسيادهم، بأن يتكسبوا على حساب إخوانهم الأبرياء.
الوصايا ليست جديدة، لكن الغزو الثقافي أشد خطورة، من الوضع السياسي الجاري في البلد، حيث سينشأ جيل، يحمل خلافات ضخمة، وتداعيات أضخم، وبذلك نقترح عليكم إلتزام سلاح إستثنائي، بزمن إنتصرت فيه حشود المرجعية، على دعاة التقسيم، ومروجي أدوات قتل الثقافة الإسلامية في عقول أجيالنا، وبدى الدين بنظرهم، وكأنه لا يلم شمل الوطن تحت خيمته، وهذا ما سعى إليه أعداء محمد وعلي (عليهم السلام)، ألا فاللعنة على الظالمين، لذا إجلسوا سأمنحكم وصيتي.