18 ديسمبر، 2024 8:46 م

الدنيا خوش دنيا بس توفيقنا طايح حظه

الدنيا خوش دنيا بس توفيقنا طايح حظه

لنتجاوز مشاكلنا وما خلفه لنا السياسيين من متاعب ومنغصات ونتناول في مقالنا هذا صفحات من الماضي الجميل الذي مازال المواطن العراقي يتذكرها بشيء من الحنين لماضي جميل ذهب ولن يعود ..زمان كان النظام الحاكم نظام ملكي وافراده محصنين لهم قدسيتهم ولهم عالمهم الخاص وكان اغلب السياسيين ضمن تشكيلة الحكومة هم ادوات منفذة لارادة واوامر الملك والعائلة الحاكمة .. كانت الحكومة في نظر الشعب حكومة عميلة تتبع ارادة وسطوة بريطانيا التي كان يسميها عامة الناس ” ابو ناجي ” وكان الشعب والجيش العراقي وخلال فترة عقد الخمسينيات من القرن الماضي اكثر سخونة وتنافر مع النظام الحاكم ..وازدادت هذه السخونة اثر قيام ثورة يوليو في مصر عام 1952 التي اججت المشاعر الوطنية وتوجت هذه المشاعر بقيام عدد من العسكرين بتنفيذ انقلاب عسكري لاسقاط النظام الملكي الحاكم واقامة نظام جمهوري عام 1958 في عملية لاتخلوا من وحشية بعد قيام منفذي الانقلاب بفسح المجال لبعض الافاكين بالتمثيل بجثث افراد العائلة الملكية كان هذا التحول البداية لدخول العراقيين في صراعات حزبية متنافرة المباديء والمنهج اوصلت العراق الى الفوضى التي مازالت اثارها ماثلة حتى يومنا هذا تؤشر وجود خلل في تركيبة وبنية المجتمع العراقي والانظمة المتعاقبة على حكم العراق بعد سقوط النظام الملكي الذي كان زعماءه يتحلون بصفات وقيم نبيلة مازال الموطن العراقي الذي عاصر تلك الفترة يتذكرها بشيء من الفخر والاعتزاز برموزها حيث كانوا يشكلون في تصرفاتهم وعلاقاتهم الاجتماعية مع افراد الشعب تمازج جميل يدلل على بساطتهم ..ومن الحكايات الجميلة عن البعض من المسؤولين في زمن النظام المالكي وتحديدا في زمن رئيس الوزراء توفيق السويدي حيث تولى منصب رئاسة الوزراء في العهد الملكي في العراق وكان رئيسا للوزراء في اربع حكومات في السنوات 1929 و 1930 و 1946 و 1950 كما شغل مناصب اخرى كمنصب وزير التعليم ووزير الخارجية .. سجن السويدي بعد الاطاحة بالنظام الملكي عام 1958 ثم اطلق سراحه عام 1961 بعدها غادر العراق الى لبنان حتى وفاته عام 1968 … ومن الحكايات الطريفة التي تروى عن السويدي يقال ان خصومة وقعت بينه وبين الشاعر الكبير معروف الرصافي وقد عمد اصدقاء الطرفين الى مصالحتهما فاقام احد المقربين منهما من ذوي الجاه وليمة كبيرة دعا اليها الطرفين مع كبار الشخصيات البغدادية وفي اثناء الجلسة وتبادل الاحاديث قال احد المدعوين مخاطبا السويدي عن قصد ” معالي الوزير شلون حال الدنيا وياك ” فرد عليه السويدي غامزا ” الدنيا موخوش دنيا .. بس المهم الواحد يسوي معروف ويشمره بالشط ” ونطق مفردة ” معروف ” بصوت عال بحيث سمعها الشاعر الرصافي .. فادرك الرصافي انه المعني بهذا الكلام وان السويدي يستفزه قاصدا .. فبلعها الرصافي وسكت واجبر نفسه على عدم الرد لانه في وليمة صلح ولكن فجاة التفت الشخص نفسه ووجه السؤال ذاته الى الرصافي قائلا له ” افندينا انته شلون حال الدنيا وياك ” فما كان من الرصافي الا ان يقتنص الفرصة فعدل سدارته واجاب باسترخاء ” عمي الدنيا خوش دنيا .. بس توفيقنا طايح حظه ” في اشاره الى توفيق السويدي .. وعم الضحك الجلسة ولم تحدث بينهما مشادة كلامية بينهما . . بهذه الروحية يتعامل رجال السياسة روح الفكاهة الملتزمة بالادب والخلق الرفيع .