23 ديسمبر، 2024 10:24 ص

الدم مقابل الوظيفة!

الدم مقابل الوظيفة!

النفط مقابل الغذاء والدواء، هذه المقايضة التي كنا نسمع بها ونعيشها، خلال سنوات الحصار، التي فرضت على الشعب العراقي، عانى الشعب خلالها ما عانى، من اجل الحصول على قوت يومه.
اليوم وبعد خمسة عشر عام، على رفع الحصار عن الشعب، برزت الينا معادلة جديدة، ربما تكون معادلة ” النفط مقابل الغذاء” أقل قسوة منها، لأن هذه المعادلة تقوم على أساس الدم، اسمها ” الدم مقابل الوظيفة”.
لأنك بالعراق، ان اردت ان تحصل على وظيفة، امامك خيارين، الاول ان تكون لديك واسطة” مو أي واسطة”، والثاني ان يكون لديك اخ مستعد ان يسفك دمه، مقابل حصولك على الوظيفة ” هسه ما نعرف الوظيفة غالية جدا؟ لو الدم رخيص جدا؟!”، اعتقد الدم رخيص، لأن الشعب منذ عشرات السنين دمه يسفك، دون ان يلتفت له أحد من الحكام، السابقين او الحاليين.
قبل ثلاث سنوات، قتلت القوات الأمنية في شمال البصرة، شاب كان يتظاهر، مطالبا بالخدمات، لكن قتل هذا الشاب فتح أفاق رحبة لأخوته، حيث تم تعيينهم في دوائر الدولة” وهسة هما خير من الله” .
الأن وفي هذه المظاهرات ايضا قتل مجموعة من الشباب، وأصبح تعين ذويهم مضمون” هسه احتمال كثير من الاخوان، من يطلع اخوهم للمظاهرات، يصعدون على السطح ويندعون، يارب كون تضرب أخوي طلقة ويموت، حتى انه اتعين!”
تعودنا مشاهدة الدم، في كل مكان في بلدي، والقاعدة الاقتصادية تقول، كلما كثر المعروض، قلت القيمة وبالعكس. لكون الدم متوفر، والوظيفة غائبة، أصبح الدم أرخص من الوظيفة! ” ويا خوفنة يصير كل شهيدين بوظيفة وحدة لذويه، حسب قاعدة العرض والطلب”.
تعلمنا من الدين الاسلامي والاديان الاخرى، فضلا عن القيم والمثل، التي تربينا عليها، ان أغلي شيء في هذا الكون هو الأنسان، بل خلق هذا الكون وسخر من أجل البشر، وجعل كل شيء بخدمته وطوع امره.
ما تعلمناه غير موجود على ارض الواقع، فكل شيء مسخر لأشخاص محددين، وان تجرأت وطالبت بما هو حقك، لن تحصل عليه دون مقابل ” واي مقابل”.
نحن اليوم كفلاح لديه بستان، فيه انواع الفاكهة، لكنه يمنع عائلته من الدخول اليه، او الأكل من خيراته، من جانب أخر، هذا البستان مفتوح على مصراعيه، للجميع غير ابناءه، تجد السراق والمنتفعين وحتى الطير، لذلك كلما حان وقت القطاف، يأتي فيجد البستان خالي من الثمر.
لا نعلم متى خيرات البلد، ينعم بها سكان البلد؟! متى ما حصل ذلك، حينها لا نحتاج لشراء الوظيفة بالدم.