في مشاهد متناقضة احتفل العراقيون بمناسبات ثلاث الاولى ” جزع الدم” من تكرار التفجيرات غير المبررة الا لتداعيات خلافات قادة البلد ، والثانية عيد نوروز، والثالثة عيد الام ، ومصدر التناقض في هذه المناسبات، ان الاقليم الكردي احتفل بعيد راس السنة الكردستانية ” نوروز” وكأن افواه العراقيين لم تجزع من فزع التفجيرات في الثلاثاء الماضي، وهكذا كان ايضا حزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي الذي اصدر بيانا عزى فيه الدكتور وليد الحلي ، احد قياديه البارزين بوفاة والده ، ومن دون ان يصدر اي بيان لتعزية اهل العراق عن مقتل وجرح حوالي 300 انسان فجعت بهم عوائلهم في الثلاثاء الدامي .
مصيبة قادة العراق الجديد ، عدم تحمل المسؤولية ، في بلد يراد له اميركيا ان يكون نموذجا للديمقراطية، التي تعني حكم الشعب ، فيما يتطلب من المسؤول امام اي فشل في ادارة مفاصل الدولة ان يقدم استقالته ، او ان يوضح اسباب التقصير في الحد الادنى من ممارسة الديمقراطية
لكن القادة الجدد ، بمختلف اطيافهم ، استعادوا نبرة البيانات للشجب والاستنكار ، من دون اي حياء سياسي تفرضه اليات العمل الديمقراطي ، وهكذا كانت تصريحاتهم وتلميحاتهم الى مسؤولية تنظيم القاعدة على هذه التفجيرات ، فهل تدير القاعدة الاجهزة الامنية ؟؟ ام ان خروقاتها وصلت الى مراحل تجعل الدولة بأكثر من مليون عنصر وحوالي ثلث موازنة العراق التشغيلية” 67 مليار دولار لعام 2011 فقط ” المخصصة للجهات الامنية ، عاجزة عن الامساك بعناصر هذا التنظيم وتعليقهم على المشانق في طرق بغداد العامة !!
يضاف الى ذلك عدم قدرة الدولة على العمل بمنطق الفريق الواحد ، وتعميق الخلافات لأسباب تتعلق بعلاقات الاحزاب المؤتلفة في الحكومة مع انظمة اقليمية لها اجندات متضاربة ، تعيد من جديد الحديث عن مفهوم الخيانة الوطنية ، التهمة التي لابد للادعاء العام في العراق ان يحاسب عليها كل من يعمل ضد مصالحة العراق الوطنية مقابل مصالح طائفية او فئوية ضيقة ، والامر كما يبدو ينطبق على جميع المتصديين للشأن العام في عراق اليوم ، فالأحزاب الإسلامية الشيعية لها ارتباطات مصيرية مع حكومة الولي الفقيه الفارسية ، والسفلية الاسلامية بشقها الجهادي والاخواني ، لها ارتباطات معروفة مع تنظيم القاعدة ومع تنظيم الاخوان العالمي ، والاكراد يبقون عند تلك المقولة الاثيرة للرئيس جلال طالباني بانهم مع من يضع بيضة في سلة مصالحهم القومية .
وهكذا رقص الاكراد على احزان العراق في عيد نوروز ، فيما سبق وان منعت الكنيسة احتفالات عيد الميلاد المجيد فقط لأنه يصادف ايام عاشوراء في احد الاعوام القليلة الماضية ، فيما تتجرع الام العراقية في عيدها كاس الدم وهي تجزع من حلول فارغة المحتوى عن اجتماعات لخلية الازمة وتشدد امني جعل طرقات بغداد اقرب الى غابة من السيارات ، دون النظر في الحلول السياسية والاقتصادية للانتهاء من هذا الكاس الذي يفيض بدماء اهلنا من دون اية مواقف رجولية ، تعجل رئيس الحكومة العراقية يقدم استقالته او يجبر وزير الدفاع “وكالة ” وكبار قادة الجيش يقدمون استقالاتهم لاحترام شرف الجندية المتعارف عليه في تاريخ الجيش العراقي الطويل ، ناهيك عن استقالة رجل المالكي القوى في وزرة الداخلية ، الذي ما زال يتحدث عن خروقات البعثيين لأجهزته الامنية بعد 10 اعوام على التغيير،والسؤال على من طبق الاجتثاث في قائمة طويلة من المدنيين التي ظهرت في مطالب المتظاهرين في الانبار والموصل ، ولماذا كل هذا الفشل الامني حتى جزع العراق من كاس الدم المدار في طرقاته !!