قبل صدور الحكم القضائي بحق رمزي احمد يوسف الذي اخفق في عملية تفجير منزل بي نظير بوتو في إسلام آباد عام 1995 واخفق أيضا في عملية تفجير مركز التجارة العالمي ,قال رمزي للقاضي الأمريكي (نعم أنا إرهابي ,وافتخر بذلك ) ,لقد حلم رمزي بالإطاحة ببرجي مركز التجارة العالمي ,لكنه اعتقل , ومع ذلك سقط البرجان بعد عدد قليل من السنوات في 11 سبتمبر 2001 ,لان حلم رمزي لم يعتقل ,والحركات الإسلامية المتطرفة تعتمد وتؤكد على مبدأ إن الجهاد لاينتهي أبدا , وهو يظهر بأقوى أشكاله عندما يبدو إن كل شي معرض للخسارة ,ولا يظهر بأقوى أشكاله عند ربح كل شيء ,بالإضافة إلى ذلك إن كل المنظمات التي تحلم أحلام رمزي مثل القاعدة وطالبان وداعش تعتمد على قابليتها على البقاء دون حكومة أو حتى دون دولة , لأنها تعتمد على التجنيد واستقطاب الشباب بمختلف الطرق والأساليب بالاعتماد على إذكاء روح الجهاد لدى الشباب المسلم, والإسلام بتعاليمه كما يقول جون باغوت غلوب في كتابه الفتوحات العربية العظيمة (الإسلام في جوهره دين الجندي), ولان التجنيد يحدث في العقل وليس من هناك إمكانية لخوض معارك العقل بالاعتماد على القوات الخاصة والصواريخ والدبابات والطائرات كما يورد مبشر جاويد اكبر المفكر الإسلامي ,حيث معارك العقل تحتاج إلى عقول أقوى لتحول الأحلام التدميرية القائمة على القتل والتطرف إلى أضغاث أحلام تتلاشى مع أول صحوة للعقل البشري باتجاه بناء مجتمعات بناءة خالية من العنف والتطرف تعتمد المحبة وتقبل الآخر كشعار لها . مع التركيز على رأي الباحثة الفرنسية صوفي فيوليه المتخصصة في دراسة الاسلاموية المتطرفة والتي خرجت بوجهة نظر جديرة بالانتباه والدراسة والمتمثلة بان المتطرفين ليسوا دمى ,ولا هم عدميون ,بل يتصفون بعقلانية خاصة ,ويودون إعطاء معنى لحياتهم ,إذ يصيرون مقاتلين من اجل الثار (وهنا يجب التعامل بحذر مع أهالي المناطق المحررة من سيطرة داعش ,مناطق ديالى وصلاح الدين,حتى لا يتحولوا إلى أعداء تستقطبهم داعش ويسيرون باتجاه التطرف والثار ),ومناضلين من اجل مجتمع جديد,فهم مسؤؤلون بصفة فردية وجماعية , والموت ضمن هذا الإطار بالذات ليس عملا بائسا ولا يخيفهم , لان المعركة مستمرة ,وسيواصلها آخرون .
من منطلق أهمية تفكيك الفكر السلفي المتشدد الذي تعتمده الجماعات الإرهابية في خطابها ومنهجها ومنها تنظيم داعش الذي هو الآن تحت الأضواء كونه يلعب دور أساسي في العمليات الإرهابية التي تجتاح المنطقة (الشرق الأوسط) والعالم والذي يعتمد على تفسير خاص به للاسلام , وشعاره الموسوم (الدم الدم ,والهدم الهدم )الذي تم تداوله لأول مرة من قبل أسامة بن لادن المؤسس الأول لتنظيم القاعدة ,الذي أنجب داعش بعملية قيصرية صعبة كان الطبيب المشرف عليها جهاز أل cia الأمريكي بعلمه أو نتيجة إهماله ولد جنين مشوه اخطر وأقوى من الأم ولأهمية هذا ينبغي التوقف عند هذا الشعار وشرحه تفصيليا حيث إن الفكر المتطرف يعتمده كأساس للتدمير وسفك الدماء لكل مخالف من اجل تحقيق شوكة التمكين الكبرى حسب الإستراتيجية التي يعتمدها داعش المتمثلة بعقد مكتوب بالدماء بين مجموعات النكاية أهم بنوده (الدم الدم والهدم الهدم ) والقائم على سياسة قتل المخالف فإذا لم تكن معي فأنت ضدي. ولان الحركات الأصولية المتشددة في الإسلام تتجه كليا إلى الماضي للاستلهام متخذة من الإيمان
سندا لبقائها , نحتاج إلى مراجعة تاريخية ذكية وتصحيح ما يمكن تصحيحه من الفهم الخاطئ للتاريخ الإسلامي وحوادثه , لا بل نحتاج إلى إعادة كتابة التاريخ الإسلامي لأننا امة تعيش تاريخها وتموت فيه ,لنتمكن من الحد من النمو السرطاني للحركات المتشددة التي تحاول أن تفتك بالحياة ,وتبني من جماجمنا خلافة إسلامية تسبي وتقتل العباد .
تروي كتب السير أن العباس بن عبد المطلب وكان يومئذ على دين قومه ولكنه كان يحمي ابن أخيه النبي محمد ,وقد حضر التفاوض بين النبي وأشراف الأوس والخزرج في العقبة وانه قد تكلم مستوثقا للنبي وملحا على الطرف الآخر أن يصدق النية ,فقال لأهل يثرب بتعجل أن قريش قد تهاجمهم ومحمدا ,وان عليهم لهذا السبب أن يبايعوا محمد وان يمنعوه مما يمنعون نسائهم وأبنائهم وألا يخدعوه , ونتيجة لهذا الحديث رد البراء بن معرور وهو احد رجالات الخزرج وقال متفاخرا (نحن أبناء الحروب وأهل الحلقة (الدروع ) ورثناها كابرا عن كابر ) وإنهم سيمنعون النبي مما يمنعون منه نسائهم وأبنائهم ,فاعترض القول ,والبراء يكلم النبي أبو الهيثم بن التبهان وهو معروف بالتبصر بعواقب الأمور والحكمة وهو من الأوس فقال للنبي (إن بيننا وبين الرجال حبالا –وإنا قاطعوها – يعني اليهود – فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم اضهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟) وبحسب ابن هشام في السيرة وفقه السنة صفحة 149 أن النبي تبسم وقال (بل الدم الدم ,والهدم الهدم ,أنا منكم وانتم مني أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم ) والملاحظ هنا أن تكرار كلمتي الدم والهدم ليذكر بقول الثائر الفرنسي المعروف جان بول مار ( أريد الدم أريد الدم ) ومما يجب ذكره أيضا إن النبي قد نطق عبارة أخرى في معرض رده على ابن الهيثم (حرب الحمر والأسود من الناس ) .
.
ورد في لسان العرب :
الهدم بفتح الدال , وقال ابن قتيبة , كانت العرب تقول عند عقد الحلف والجوار دمي دمك وهدمي هدمك , أي ماهدمته من الدماء هدمته أنا , ويقال أيضا اللدم اللدم والهدم الهدم ,قال ابن هشام : الحرمة وإنما كنى عن حرمة الرجل وأهله بالهدم لأنهم كانوا أهل نجعه وارتحال ولهم بيوت يستخفونها يوم ضعنهم فكلما ضعنوا هدموها ,والهدم بمعنى المهدوم كالقبض بمعنى المقبوض ثم جعلوا الهدم هو البيت المهدوم عبارة عما حوى , ثم قال هدمي هدمك أي رحلتي رحلتك , أي لااضعن وادعك .
لكل المشاكل الكبيرة التي سببها الإرهاب في تغيير خريطة بلدان الشرق الأوسط والحرب على حياة البشرية ووجودها بكل الأرض أصبحت الحاجة ملحة إلى أن يكون هناك دراسة أكاديمية متخصصة مستقلة للإرهاب تتميز عن علم الإجرام ,أو عن علم العلاقات الدولية ولابد أن تنطلق من العراق كشرارة أولى باعتباره المعني بكل مشاكل الإرهاب وهو نقطة انطلاق الإرهاب إلى العالم ,بالإضافة إلى أن ارض العراق وسوريا هي ارض الدولتين (الأموية
والعباسية ,وهي ارض الملاحم والفتن على مر التاريخ ,وهي حسب الروايات الإسلامية ارض المعاد ,وارض آخر الزمان ,فضلا على وجود الثروات الهائلة التي تجعلها طمعا لكل التنظيمات الإرهابية بكل أشكالها .