منذ الوهلة الاولى وعند ولوج القارئ في عنوان هذا المقال، يتبادر إلى ذهنه امور ربما تأخذه إلى جرفاً جافاً يفتقر للمد والجزر، وتجعله يضعنا في خانة العمالة، أو ضرب المؤسسة الدينية من الخاصرة؛ التي وضعت مرتكزات وثوابت العراق بعد منتصف القرن المنصرم، حيث قال زعيمها آنذاك السيد محسن الحكيم: إن العراق حفظ بثلاث المرجعية الدينية، والشعائر الحسينية، والعشائر العراقية؛ لا سيما إن التركيبة الاساسية العراقية هي قبائل وعشائر منذ فجر التاريخ.
ما نريد توضيحه في هذا الصدد هو تفكيك الامور، وإزاحة الترسبات التي انتجها مؤخراً المتحولين الجدد، نتيجة التحولات الطائفية والحزبية والقومية وغياب سلطة القانون؛ وعدم فرض هيبة الدولة وارجاع العشائر وشيوخها” للقاعدة الاساسية وهي القيمة الفعلية لهم”؛ وجعلهم احدى المرتكزات الاستشرافية في المجتمع العراقي، مبنية على الصدق والامانة وإحترام الفرد وبناء علاقات ودية بين الافراد والجماعات، وأداة تنفيذية للمرجعية الدينية والشعائر التاريخية؛ مع لحاظ زيها العربي الموروث تاريخاً وتعريفاً.
لا يخفى على الجميع إن التحولات الجنسية والسياسية التي مر بها العراق، من خلافة، ملكية، جمهورية، برلمانية، لم تكن تحولات على مستوى السلطة فحسب، وانما غيرت كثير من المفاهيم والقيم بين المجتمع العراقي؛ وادخلت بدلها مفاهيم لا تتناسب مع الجسد الموروث تاريخاً، وسلكت مسارات اخذت من هيبتها وجعلتها تتحول بين الفين والاخر، حسب مزاج صاحب القرار بحكم السلطة والمال والنفوذ والقرابة.
هنا لب ما نريد قوله، إن ما يقارب ثلاثة عقود بدت تطفو ظاهرة خطيرة، الا وهي السادة الدمج وشيوخ البالة تحت لافتة” تصحيح الشعائر الدينية أو شيوخ يوم النخوة أو رابطة شيوخ العشائر أو مجلس عشائر أو مجلس اسناد” وهؤلاء هم أصل المشاكل الاجتماعية والطائفية والقومية، التي عصفت بالعراق منذ تسعينات القرن المنصرم؛ من اجل الظفر برشوة المسؤول، قطعة أرض، سيارة فاخرة، مسدس وهوية تسمح له عبور السيطرة من الخط العسكري؛ واخر المطاف فتحت لهم القنوات الفضائية الرسمية العراقية؛ كي يظهروا حقدهم على المرجعية الدينية، التي ضربت مخططهم التخريبي في المظاهرات الاخيرة.
“ابناء منين العبرة يا صدام”