19 ديسمبر، 2024 9:22 ص

الدكتور هاشم حسن .. وتوجهات هيئة الإعلام والاتصالات

الدكتور هاشم حسن .. وتوجهات هيئة الإعلام والاتصالات

طيلة مسيرة تجاوزت الثلاثين عاما في الصحافة كان الدكتور هاشم حسن ، ومنذ بدايته الاولى في الصحافة في السبعينات، وقبل ان يدخل مرحلة الدراسات العليا من أكثر المدافعين عن حرية الصحافة،وقد شن حملات واسعة منذ الثمانينات والتسعينات وفي عهد الديمقراطية الصحفية الحالية، ضد اية محاولة تستهدف تقييد العمل الصحفي او النيل من حرية الصحافة في العراق، ودخل من أجل مهمته هذه المعتقلات أكثر من مرة، لأنه متهم دوما بأنه يقوم بأعمال التحريض ضد السلطات أو الجهات الإعلامية القريبة من الحكومة.
ويبقي الدكتور هاشم حسن طوال مسيرة حياته مدافعا عن قيم الصحافة وأخلاقيتها، ولم يهدأ له بال حتى في عهود ما سمي بالديمقراطية بعد عام 2003 ، وقد كتبت مقالا في عام 2006 في الجريدة التي كان يراسها انذاك وهي جريدة “الشاهد المستقل” مقالا بعنوأن : “معارض ويعارض المعارضة” سردت فيها سنوات دفاع الدكتور هاشم حسن طيلة مسيرته الصحفية عن حرية الصحافة ،وفي تأكيده على أن يحظى الصحفي بالاحترام من قبل السلطات، وكيف واجه حملات حكومية استهدفت الصحفيين، وبقيت توجهات الدكتور هاشم حسن تأخذ جانب ( المعارضة ) حتى ضد قيادة نقابة الصحفيين ، أي انه بقي ( معارضا ) يقود جبهات المعارضة في كل زمان ومكان ، لايرضى بأي نظام أن لم يكن يعطى الصحفي حقه من الحرية المكفولة له ضمن القوانين والدستور، وهكذا بقيت توجهات الدكتور هاشم حسن التي يعرفها كل من عايشه عن قرب او أطلع على مسيرته الصحفية ، وقد زاملناه منذ ان كنا في صف واحد في قسم الاعلام بكلية الاداب منتصف السبعينات.
لكن الظاهرة التي تلفت الأنظار هو ظهور الدكتور هاشم حسن قبل أيام في قناة الحرة الفضائية كممثل عن هيئة الإعلام والاتصالات ، وهو الان فيها يقود من داخل تلك الهيئة العمل الإعلامي ويشرف على توجهات الإعلام ، وقد تبنى خلال الحوار التلفزيوني وجهات نظر مختلفة تماما لما كان يطرحه طيلة مسيرته الصحفية التي تجاوزت الثلاثة عقود ، ولأول مرة يظهر الدكتور هاشم حسن مدافعا عن هيئة الإعلام الاتصالات،  وهي جهة حكومية ، إذ لم تلحظ  الأسرة الصحفية طيلة مسيرة هذا الرجل ان ساند توجهات حكومة ما او منظمة موالية للحكومة ، بل انه اقام في عام 2006 جمعية الدفاع عن الحريات الصحفية ، ولان الرجل لم تكن لديه إمكانيات مالية ، فلم يكن يمتلك غير لافتة مكتوبة على حائط غرفته بهذا الاسم ( جمعية الدفاع عن الحريات الصحفية ) وبقي على هذا المنوال ، وهكذا عرفته الاسرة الصحفية ( معارضا ) يعارض المعارضة كما وصفته ، أي انه عارض حتى المعارضة التي واجهت نظام صدام حسين أنذاك في الجوانب الإعلامية وشن حملات واسعة ضد الطارئين الذين دخلوا مهنة الصحافة ، في بداية العهد الديمقراطي ، وهم أبعد مايكونوا منها، بل وشن ضد الحكومة حملات إعلامية، واتهمها بانها أقرب الى حكم “الميليشيات” من ان تكون واجهة للديمقراطية، وهذا الكلام في أعوام 2005 – 2006 و2007، وما بعدها.
الا ان الشيء الملفت للنظر ظهور الدكتور هاشم حسن قبل أيام في قناة الحرة مع عدد من المهتمين بالشأن الصحفي، وهو يحرض ضد قنوات فضائية عراقية لانها دافعت عن وجهات نظر تمثلها وهي تدافع عن مكون ما تمثله ، أو تدافع عن وجهات نظر ممارسات جماهيرية تعبر عن نفسها من خلال التظاهرات ، وهي تعكس وجهات نظر هذا المكون وما تعرض له من ظلم وتعسف وإضطهاد  ، وشن الدكتور هاشم حسن لأول مرة هجوما لاذعا ضد مديري هذه القنوات الفضائية، ووصفها بمختلف الاوصاف ، حتى انه تناغم مع تهم الحكومة وتوجهاتها عن هذه الفضائيات، وكان من المفترض ان لايصل تهجمه على هذه الفضائيات في توجهاتها الى هذه الدرجة التي يساند فيها وجهة اطراف داخل هيئة الاعلام والاتصالات بهذه الطريقة التي طرحها ، والتي خرج فيها الدكتور هاشم حسن ، لأول مرة ربما، عن ( حياديته ) و ( مهنيته ) المعروفة ، اقول إنه لم يلتزم الحياد على الاقل في وجهة النظر ازاء تلك الفضائيات ، التي قال انها تسرح وتمرح في دول الجوار، التي يعرف الدكتور هاشم حسن، انها اتخذت من بعض دول الجوار مكانا لعملها ، بسبب التهديدات التي تعرضت لها من جهات إرهابية وحكومية معا، وإضطرت تحت التهديد والوعيد وتحديات الارهاب الداخلي أنذاك لها للعمل في الخارج، والدكتور هاشم حسن كان من أكثر من تعرض لظلم الارهاب داخل العراق في عام 2006 وما بعدها ، وبقي الرجل يعيش في أحوال صعبة نتيجة ما واجهه من تهديدات ، كان الوسط الصحفي يعرفها حق المعرفة ، ومع هذا لم يصمت الرجل او يخشى توجهات تلك الحملات التي كانت تستهدفه شخصيا ،ولم يسلم الدكتور هاشم حسن من أذى جهات سياسية متعددة ، حتى ان الرجل نال من أذى الصحافة مالم ينله أي صحفي عراقي، ويبدو ان ( بحبوبة العيـش ) في السنوات الاخيرة للدكتور هاشم حسن  ووظيفته الحالية قد أنسته شظف العيش وسنوات المواجهات الصعبة من أجل الدفاع عن الحريات الصحفية ، وفي أن يحظى الصحفي العراقي وكل من يعمل في الإعلام بقدر كبير من الحرية في اطار المسؤولية الاجتماعية ، وبقي يدافع عن كل من يتعرض الى انتهاك لحريته الصحفية والمهنية، وما واجهته مهنة المتاعب من متاعب حقا، كانت من اكثر المهن ربما تعرضا الى الارهاب الاعمى، وراح المئات من الصحفيين العراقيين قربانا للصحافة الحرة الملتزمة لانهم دافعوا بقوة عن حرية الشعب وفي ان تحفظ كرامته، ويكون للانسان كرامة في هذا البلد، وقد فقداها الكثيرون، بل ان اوساطا صحفية ما زالت حتى الان تتعرض الى حملات ملاحقة بشتى الانواع، وما زالت الاسرة الصحفية لم تحظ بالاهتمام المطلوب من قبل الدولة حتى هذه اللحظة، وما زالت ظروف سكنها وإقامتها متدنية جدا، وفي أتعس ظروف العيش الآدمي.
وفي هذا المقال لسنا في معرض الدفاع عن أية فضائية أو عن توجهاتها، لأن من يحاسب هي الجهات السياسية والدينية التي تحرض على الإرهاب ، أما الاعلام والفضائيات فناقلة للحدث، وهي توجه أنظار الحكومة الى مكامن الخلل والخطأ في التعامل مع الشعب، وعليها مهمة أن تمثل الرأي العام، وليست هي ( بوقا ) موجها ضد الحكومة، كما يتم وصفها ، رغم ان ( وعاظ السلاطين ) ، كانوا دوما من السياسيين وليس الإعلاميين في ألأغلب، أما ان تنقل الفضائيات العراقية الأحداث الكبيرة، والحكومة تريد ان تغطي رأسها ، مثل النعامة، فهذه مهمة لا تتحملها الفضائيات ووسائل الاعلام، على رغم أهمية دورها الإعلامي ، ولكن تتحملها الجهات التي تتهم بالتحريض، واعتقد ان الصحافة تنطلق من مقولة ( ناقل الكفر ليس بكافر ) وعلى الدكتور هاشم حسن ، كما عهدناه، مهمة ومسؤولية ان يبقى محافظا على السمعة الطيبة التي حظي بها، طيلة عقود في دفاعه المستميت عن حرية العمل الصحفي، وان لاتحرمه الوظيفة من حق الدفاع عن هذه الحرية، وهو أهل لأن يبقى الواجهة ألأكثر ترديدا لحرية الصحافة والمدفع الأمين عنها ،ولا يعنينا موضوع الفضائيات التي تقطن في الغربة بشيء، لأن لاناقة لنا فيها ولا جمل ، الا بقدر المحافظة على ( هيبة الصحافة ) من أن يطالها الحط من قدرها، وهو ما لايقبله الدكتور هاشم حسن نفسه، المدافع الاول والأكثر شراسة في العراق، وعلاقتنا مع الدكتور هاشم حسن ، ( روحية ) و ( أزلية ) أكثر من كونها إعلامية ، للمكانة الكبيرة التي إحتلها خلال مسيرته الصحفية ، وعانى من أجلها الكثير وتحمل المشاق وما لايتحمله بشر، أما هيئة الاعلام والاتصالات فلن تضيف الى رصيد الرجل شيئا ، اللهم الا بحبوحة العيش ومغريات الراتب كما ذكرت ،والله من وراء القصد.

أحدث المقالات

أحدث المقالات