18 ديسمبر، 2024 6:54 م

الدكتور علي الوردي وكتاب السيف البتار

الدكتور علي الوردي وكتاب السيف البتار

اولعت بالكتب منذ صغري فلايشدني شئ كما يشدني لون الكتب القديمة ورائحتها فلايمر بي عنوان كتاب مثير للجدل إلا وبحثت عنه خصوصاً إذا كان في عداد المعدومات, منذ سنين خلت وانا اطالع كتاب لمحات اجتماعيه من تاريخ العراق الحديث للدكتور علي الوردي استوقفني عنوان لكتاب ذكره ضمن حديثه عن الحداثه والصراع بين القديم والجديد في المجتمع العراقي في بدايه القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الاولى والكتاب هو (السيف البتار على من قال أن أصل المطر بخار) حيث ذكر أن كتاب طبع بهذا الأسم , وحقيقةً اخذ هذا الكلام من الوردي العديد من الكتاب فأشاروا الى إسم الكتاب ضمن تعريضهم بالمؤسسة الدينية او غيرها من امور حتى اصبح من الشائعات والمسلمات وجود كتاب بهذا الاسم, فطفقت ابحث عن الكتاب في المكتبات وفهارس الكتب لغرض الحصول على نسخة لكني فوجئت ان كتاب بهذا الاسم لاوجود له اصلاً, مثلا عندما راجعت موسوعة الذريعة الى تصانيف الشيعة للمحقق الطهراني وهي اكبر موسوعة في اسماء الكتب وجدت ان هناك كتاب اسمه (السيف البتار في رد شبهات الكفار للشيخ عبد الله المامقاني المتوفي سنه 1932) والكتاب طبع في اوائل القرن العشرين سنة 1924 في النجف في المطبعة المرتضوية وترجم بعد سنه من طبعه الى الفارسية بعنوان ترجمة السيف البتار فقلت لعل هذا الكتاب غير ذاك او لربما هو بعينه فرجعت الى معجم المطبوعات النجفية لمحمد هادي الاميني و زمن تاليف الكتاب ستينات القرن الماضي فلم اجد سوى عنوان لكتاب سوى كتاب ترجمة السيف البتار وايضا لم يذكر المؤلف الكتاب الاخر ( السيف البتار في رد شبهات الكفار ) عاودت المراجعة في فهرس مكتبة كاشف الغطاء ومكتب السيد الحكيم فلم اجد كتابا بعنوان ( السيف البتار على من قال ان اصل المطر بخار) , اخيرا طالعت كتاب معجم المؤلفين العراقيين في القرن التاسع عشر والعشرين للمؤلف كوركيس عواد والكتاب مطبوع سنة 1969فذهبت الى حرف العين واسم الشيخ عبد الله المامقاني حيث سرد المؤلف اسماء كتبه ومنها كتاب بعنوان (السيف البتار في الرد على من يقول ان الغيم بخار) , من دون ذكر سنة الطبع وانما فقط كتب في اخره النجف اشارة الى انه طبع في النجف عكس باقي كتبه حيث اشار الى مكان الطبع وسنة الطباعة والغريب انه لم يذكر ضمن مؤلفاته كتاب (السيف البتار في رد شبهات الكفار) , فقلت من اين اتى المؤلف بهذا الاسم وهوو لاوجود له في فهارس الكتب والمكتبات وانما اسم الكتاب يختلف عما عنونه فهو قطعا لم يخذه من الدكتور الوردي لان كتاب الوردي متاخر ام إن الدكتور الوردي أخذ إسم الكتاب منه بلا تثبت وتحقق. أخيراً حصلت على نسخة مصورة من كتاب (السيف البتار في رد شبهات الكفار) للشيخ عبد الله المامقاني من مكتبة العتبة الرضوية وتصفحت الكتاب الذي كتب اصلاً للأجابه على أسئله حتى إنه عنون بالمسائل البغدادية والكتاب عبارة عن أجوبة للعديد من الأسئلة بلغت العشرين سؤال وكان ضمن أجوبة السؤال الأول الاشارة الى موضوع البخار والمطر وتكونه من البخار والرعد وهنا وان كان المؤلف رفض القول بأن المطر متكون من البخار إلا إن هذا ليس موضوع بحثنا فعندما قرأت الكلام تيقنت إن الكتاب الذي أشار له الوردي وغيره من الكتاب تقليداً للوردي ليس إلا هذا الكتاب بعينه. لكن السؤال كيف إنقلب إسم الكتاب الى إسم آخر وشاع وإنتشر بهذا الاسم الجديد هل كان بقصد أم بغير قصد, اغلب الظن ان الدكتور الوردي وكعادته سمع يالكتاب من الناس ولم يره ولم يشاهده وكعادته هو يسرد مايسمعه وياخذ اقوال الناس ويبني عليها متبنياته ومن كتابه سرى الامر الى الاخرين من دون أن يفكروا بالرجوع الى المصادر الاصلية للتثبت والتحقق.