عندما نريد أن تكتب أقلامنا للتوثيق التاريخي، فلا بد أن نتوقف عند شخصيات أدبية أو سياسية أو أكاديمية، وربما اجتماعية، استطاعت أن تقدم إنجازات كبيرة خلال مسيرتها في الحياة.
واليوم أكتب عن شخصية بارزة استطاع أن يوثق بقلمه كل مفردات الأدب العربي، إنه الدكتور حمد محمود الدوخي، حاصل على شهاده الدكتوراه في الادب العربي استاذ مساعد في جامعة تكريت، وهو الشاعر والناقد والأديب الذي استطاع أن يوصل صوته وقصائده وأدبياته إلى كل أرجاء الوطن العربي.
لقد وُلد الدكتور الدوخي من رحم أبناء الطبقات الكادحة في ريف الشرقاط، ذلك القضاء الذي يفتخر بأنه ما زال ينجب العطاء من المثقفين والأدباء والشعراء الذين برعوا في صياغة الحروف وإبداع القصيدة.
يُعد قضاء الشرقاط من المناطق التي أنجبت الكثير من المبدعين الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ الأدب العراقي. فهذا القضاء الريفي، الممتد على ضفاف دجلة، لم يكن يوماً بعيداً عن وهج الثقافة والفكر، بل كان منبعاً للشعراء والكتّاب الذين عبّروا بصدق عن هموم الإنسان العراقي وآماله.
لقد عرف قضاء الشرقاط هذه المدينة العريقة المرتبط اسمها بقلعه اشور أدباء حملوا همّ الكلمة، فوثّقوا الموروث الشعبي، وأحيوا فنون الشعر العمودي والشعبي معاً، وأضافوا للعتابة والزهيري نكهة خاصة مستمدة من البيئة الريفية الأصيلة. كما لم يغفلوا عن الشعر الوطني الذي ارتبط بنضال العراقيين ومواقفهم المصيرية.
ورغم أن الإعلام لم يُنصف الكثير من هؤلاء الأدباء، إلا أن نتاجاتهم ظلّت حاضرة في الذاكرة الشعبية، وانتقلت عبر الأجيال، لتؤكد أن الشرقاط ما زالت أرضاً خصبة للثقافة والعطاء. ولعل بروز أسماء لامعة مثل الدكتور حمد محمود الدوخي، يبرهن على أن هذه الارض الثقافية ما زالت قادرة على إنجاب المزيد من القامات الأدبية التي ترفع اسم العراق عالياً في فضاء الأدب العربي.
ان من يتابع مسيرة الدكتور حمد الدوخي، يجد أمامه شاعراً متفرداً، نظم قصائده في مختلف ميادين الشعر؛ فكتب الشعر العمودي، وأبدع في الشعر الشعبي، واستعمل مفردات الريف في العتابة والزهيري. لقد تجاوزت ثقافته حدود الشرقاط وصلاح الدين ونينوى وبغداد وجميع مدن العراق لتصل إلى فضاء الوطن العربي، فأصبحت قصائده وكتاباته متداولة في كل بقعة تنطق بالعربية.
إنه قامة ثقافية كبرى لا يمكن للتاريخ أن يتجاهلها، فقد قدّم الكثير من الدواوين الشعرية والمؤلفات الأدبية، إلى جانب كونه أكاديمياً عراقياً ما زال يواصل مسيرته العلمية من خلال مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه، ليكون بذلك جزءاً من صناعة المستقبل الأكاديمي والثقافي.
لقد اصبحت نتاجاته الأدبية أطروحات ثقافية يفتخر بها طلبة الدراسات العليا في مسيرتهم نحو الألقاب العلمية. ولا حاجة لي هنا بذكر كل ألقابه وشهاداته، فهو أستاذ أكاديمي مرموق في جامعة تكريت، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، وصاحب مؤلفات لا تُحصى.
الدكتور حمد الدوخي قامة عراقية سامقة، نستشعر أمامها الإجلال والاحترام، فهو ما زال يتحفنا يومياً بأروع الملاحم الثقافية، ويكتب عن الماضي والمصطلحات الشعبية الريفية، وعن الشرقاط وقراها، وعن الحاضر وجامعة تكريت وطلابها. كما يكتب عن الإمام الحسين (عليه السلام) وملحمة كربلاء والثورة الحسينية الخالدة.
هكذا هم رجال الثقافة في الشرقاط: يضعون العراق أمام أعينهم أولاً وأخيراً، بعيداً عن المصطلحات الطائفية، فكل ما يعنيهم هو الحفاظ على التراث الريفي والهوية العراقية الأصيلة.
إن من يقرأ أدبيات الدكتور حمد الدوخي يجد فيها المتعة الثقافية والمعنى الحقيقي للأدب العراقي الحديث.
ونحن نتمنى له دوام التوفيق، وأن يستمر عطاؤه الذي لا ينضب، ليكون كالنخيل العراقي الذي يمنحنا سنوياً رطباً طازجاً. فما أحوجنا اليوم إلى قصائد ومؤلفات وأدبيات قلم كبير مثل الدكتور حمد محمود الدوخي.