لقد أثبت أطباء الأمراض النفسية إن العلاج بالكلام يمثل نسبة 20 % و 80 % الى العلاجات الأخرى المتمثلة بالأدوية والكهرباء ؛ كذلك يعتبر إن اكتشاف العلاجات النفسية أدى الى إضعاف دور رجال الدين بدرجة كبيرة حيث كان المريض النفسي يتداوى تحت إشراف رجل الدين عن طريق الكلمات والنصيحة وعلاجات الكهنوت والكنيسة والفلاسفة قد عفى عليها الزمن بإنضمام الطب النفسي الى غيره من العلوم الطبية
سيدي الجعفري أنت ليس فنانا ولاعبقريا لكي نطلب منك الحديث وتبرز لنا عضلات الكلام المعسول والثقافة القراءية ؛ نريد منك العمل بالأفعال لابالأقوال ؛ لقد كنت مسؤولا ولم تقدم شيئا والآن في هذه الوظيفة الجديدة لم تقدم أيضا
عادة مايكون العبقري أو الموهوب ؛ صاحب سلوك يختلف عن باقي الناس بحيث يتعذر عليهم فهمه ؛ خصوصا وإن كثيرا من الفنانين الموهوبين تأتي إبداعاتهم من خلال معاناة شديدة فكانت فرجينيا وولوف مثلا لاتكتب إلا أثناء نوبات حادة من الهوس أو المرح ثم تنزوي منطوية على نفسها وقد أغرقت نفسها خلال حالة من الإكتئاب الحاد ؛ وفان جوخ رسم أروع أعماله وهو نزيل مستشفى الأمراض العقلية وقد قطع أذنه وقدمها هدية لحبيبته كتعبير وتأكيد لعاطفته نحوها ؛كذلك إنتحر أرنست همنجواي بعد هروبه من المستشفى
سيدي الجعفري قدم لنا مثلما قدم هؤلاء وكن ملهمنا بعيدا عن المسئولية ؛ بلدنا يحترق ومحافظاتنا تتساقط واحدة تلو الأخرى والمواطن العراقي نراه نازحا ومذبوحا ويأكل من ” حاويات الزبالة ” وأنت تتفاخر بقراءتك لهذا الكتاب أو ذاك وتصحح أخطاء مقدم البرنامج وتتنافس معه !
المطلوب ليس التفاخر بالقراءة والثقافة ولكن بالعمل الجاد لإنقاذ الناس من هذا المأزق الطائفي الذي كنت ولازلت جزءا كبيرا منه ولايمكنك الهروب من المسئولية التاريخية
إننا نقدر حين يكون الوزير مثقفا وقارئا جيدا لكننا نختلف معه حينما يحول هذه الصفات الى أدوات للكسل والترهل وعدم الإنجاز ؛ نريد إنسانا منتجا يعكس أدواته وصفاته النبيلة لمواطنيه عندئذ تصبح لقراءته وثقافته فائدة للجميع ويصبح الفرق شاسعا بينه وبين الأميين ؛ ولهذا جاء التحذير من القراءة لأجل القراءة والدين لأجل الدين والسياسة لأجل السياسة والمنصب لأجل المنصب .
[email protected]