فيلسوف ومفكر، لم يسبق له نظير في التحليل المنطقي والعقلاني المبهر، جمع بين شخصيات عدة ، فهو غزاليّ عصره ، وعقّاد هذا الزمان، وابن سينا في الطب والفلسفة ، يُسهم ومنذ سنوات في تعزيز حرية الفكر، باحث عن الحق ، مُحّكم للعقل ، ناقد للتقليد ، مُنقاد للدليل ، عالم فذ شرب من كل العلوم ، جمع من خلاصة كل الفنون،صاحب كاريزما مُذهلة بقدرته على التعبير والعرض والإقناع، وسرد عشرات الحجج والأدلة تأكيدا على الفكرة التي يطرحها، يتميز بقدرة فذة على التحليل والاستنتاج المبني على معرفة كبيرة ، يتمتع بمصداقية عالية ونقاء، ألقى حجرا في بركة ماء العرب الراكدة، هذا هو باختصار ما يمثله الدكتورعدنان إبراهيم.
هذه خلاصة ماقيل فيه من محبيه ومستمعيه من عشاق التطوير والتجدد الفكري ،أما خصومه فلم يتركوا تهمة إلا وألصقوها فيه ، بعد أن أقلقتهم طروحاته الفكرية ، فلم تمنح ماكينة التيار التقليدي القرآء والمتلقين فرصة لمعرفة ماذا يقول والاطلاع على آرائه بهدوء وروية، وتمت شيطنته على نحو سريع كما يحدث دائما مع كل مُختلف.
لستُ من هواة الإتجاهات المناقبية في تقييم الأشخاص والأفكار، ولا أقف مع أحد طرفي مع أو ضد، كما اربأ بنفسي عن الإتباع الأعمى للدكتور عدنان إبراهيم أو غيره ، بل هو الإحتفاء بالفكر الحر والطرح العقلاني ، وثنائي على مايطرح من أفكار جادة ورؤى عميقة لايعني بالضرورة موافقته في كل مايقول ، حفزني بزوغ نجمه أن أطلع على بعض أفكاره ورؤاه فسمعت ماهالني ، ورأيت ما أسرني من فكر عبقري وإيمان متوهج ولغة جذابة ، فأيقنت أني وجدت عملة نادرة وقمة فكرية سامقة، فهو أمة قائمة بذاتها ، وخلاصة فكر نيّر ، ومحارب جسور في معركة التنوير.
قال عنه الدكتور عبد الوهاب المسيري الذي أكد بعد إطلاعه على محاضرة علمية وفلسفية له حول مشكلة الزمان أنه أفضل من يكتب في موضوع أزمة العلوم الطبيعية في القرن العشرين و أنه لم يجد من يرضاه للتأليف في هذا الموضوع منذ عشر سنين غيره ، هذا على الرغم من أن محاضرته كانت إرتجالية.
والدكتور عدنان إبراهيم يكمل مسيرة التنوير التي بدأها الأفغاني ت 1897م وسار عليها الشيخ محمد عبده ت 1905م وإقبال ت 1938م والنورسي ت 1960 م وشريعتي ت1977 م والعلامة فضل الله ت 2010م وغيرهم من الأفذاذ رواد الخطاب العقلاني الذي يحترم إنسانية الإنسان .
من المستهجن أنه حينما يتصدى المفكر لأزماتنا الفكرية في أوطاننا التي خيّم عليها الظلام ، ووأدها الإستبداد، وشوهتها الخرافة ، يسارع محاربو التنوير لإسكاته وتشويه صورته ، ظنا منهم أن الأفكار تقتلها تخرصات حراس معبد الأوهام، فبدل الإحتفاء بالمفكر يتم الإجهاز عليه بقذائف التهم وترهيب المتلقين عنه بالويل والثبور عبر إعادة طرح الإتهامات القديمة التي يمتلىء بها قاموس الشتائم التاريخي.
ترى مالذي يمنعنا عن الإصغاء للمفكر؟
تراكم المحفوظات والأمية الثقافية ، عشوائية الذاكرة الإجتماعية ، تدني منسوب الإنصاف والموضوعية ، لذا نُحارب وبشراسة من يريد تحريرنا من السطحية والخرافة ، وبدل مُقارعة الحجة بالحجة والحوار الهادىء نعمد الى تشويش القارىء وإفتعال الضجيج حول المستمع ، ونُنصّب أنفسنا ولاة على عقول الناس ، وقضاة نُحاكم طروحات المفكرين.
الدكتور عدنان إبراهيم مفكر تنويري يطرح حُزمة أفكار تعرّف بروعة الدين من خلال جمال منطقه وعذوبة روحه ، رؤاه تخالف السائد، تحفر في بنية التخلف وتُلامس العصر وتطرح البديل ، يفك الأغلال عن العقول التي أضنتها االسآمة من تخشّب خطاب ذوو الآفاق الضيقة ، فعاد الكثيرون بعد أن إستمعوا الى أبجديات الفكر القويم ، يُجسّرون صلتهم بثقة مع القيم الأصيلة ويتعاملون بمهارة مع معطيات العصر حين التذت آذانهم ، وأرتقت عقولهم ، وأطمئنت قلوبهم وأنتعشت أرواحهم.
من روائع كلماته :
– من يتعمق دينيا ، يتأنسن إنسانيا.
– أعرف الناس بالله، أرحمهم بالخلق.
– القرآن ينشىء عقلية ،حرة ،طلعة، مستقلة ، لايمكن أن تُستعبد.
– اقرأ لجميع الأطراف،ولا تقرأ لتُقارع الآخرين،بل اقرأ لتخدم نفسك، اقرأ لكي تعرف !!
– التنويري الحقيقي هو الذي يعمل على نقد ذاته قبل نقد الآخرين طلبا للحقيقة والإنصاف.
– كن استثنائياً لتخلق سائدك ,إخدموا غرابتكم , إذا رآكم الناس غرباء تأتون بأفكار بشعة وغير مقبولة وتناقض السائد وأنتم غريبون غير عاديين , اعملوا على هذا لأنكم في النهاية ستخلقون سائد الآخرين ولو بعد مائة سنة.
إضاءة : أرني الرجل الذي تبجّله ، وسأعرف من أنت؟ ( توماس كارليل 1795 – 1881م كاتب إسكتلندي ، وناقد ، ومؤرخ).