من المؤكد أن الأنظمة الدكتاتورية تخطط وتضع البرامج الكفيلة ليس لرفاه شعوبها وإنما لاضطهادهم هنالك من يبرر ظلمهم وبطشهم ويشرعن بقاؤهم، أطول فترة ممكنة في حكهم،غير مكترثين لما يسببونه من آثار وأضرار مادية ومعنوية في حياة مواطنيهم ،فالمحصلة الرئيسية هي البقاء ،والنظرية الميكافيلية جاهزة للاستعمال (الغاية تبرر الوسيلة ) ,ولعل شر البلية ما يضحك ،هو مع اقتراب موت الرئيس أو الزعيم الأوحد،والتقاعد من مسيرة عمل قضاها بين التنعم والتبذير بخيرات البلد هو وحاشيته،واستبداده وبطشه بشعبة ،ليرمي لهم فتات الخبز ،ليبدأ بمرحلة جديدة تهيئة الأمور رويداً رويدا لأحد أبناءه يوصيه بالالتزام بالتعليمات والتوصيات والبرامج التي كان يسير عليها, بحزمة القضبان والحديد الذي يفتك بكل من تسول له نفسه ,ان يهمس بأذن صاحبه بفكرة الرفض ولو كان ذلك بكلمة ,ثمت سؤال يطرح نفسه لماذا الأنظمة المستبدة تبقى لعقود من الزمن وتؤسس لثقافة الفساد بعد رحيلها؟وحكم الإيثار العادل الذي يقوده الأحرار والشرفاء ينتهي بسرعة فائقة من الزمن وان دام فانه لن يستمر طويلاً،خير مثال حكم الامام علي (ع) ،حيث العدالة والاستقامة والنزاهة جميعها توفرت في دولته ؟ومنهج يحترم الإنسان أياً كان لونه ودينه ومعتقده ,رغم كل هذا لم يبقى عصره الإنساني ,الآ أربع سنوات وأشهر معدودة قضاها وهو يتمنى أن يأتي أشقى الأشقياء ليخضب لحيته بالدماء ترى ما حل بك وبصبرك ؟،في حين ظل زمن الطغاة من بعده لقرون طويلة ,فالمرء لا يريد شيء من الرئيس المسؤول عن الرعية سوى حياة هادئة مستقرة تؤمن له غداً مليء بالاطمئنان ينعم به ,ويحفظ كرامته ويصون حريته ،هذه هي طموح الفرد الذي تنازل عن الكثير من حقوقه أثناء فترة (دكتاتورية الخوف ) سنوات طويلة وحلمه ورؤيته لبناء مستقبله يتأزم ويتقزم مرة،وتضطهد مرات عدة باسم القانون وحمايته ،وتطهير البلد من الخونة الذين يرتبطون بحكم الانتماء الديني والعقائدي ,المواطن يريد التغيير والإصلاح ولكن بخطى واثقة وواضحة وملموسة ,لولا هذا الشعور
المتدفق الكامن في نفسه كالتيار الجارف ،لما وجدناه يستبدل طلقات الرصاص وحقبة الانقلابات الدموية ,بحقبة الديمقراطية ، بأوراق تكتب عليها أرادته بمن يختاره في الانتخابات , وأسقط مراهنات كبيرة وكثيرة بأنه لن يتجاوز المحنة ,التحديات واسعة ….واسعة الأفق ،وأنا متفق بهذا الشأن مع المخلصين والصادقين ،فهنالك رؤى وسيناريوهات سوداء تريد قيادة البلد كما في السابق من قبل الدكتاتورية التي غيبت الشعب عن طموحه ،لتقدم له حياة على مقاساتها فيها كل التناقضات والآلام المؤلمة ,فمن يؤمن بالتحول الديمقراطي عليه فسح المجال للأخر حتى يعمل وينجز ويقدم لرعيته ما يجده مناسباً في خدمة مستقبلهم ،لا ان يضع العقدة في المنشار ,فالمتضرر الأول والأخير هو المواطن .