الا يتعلم سلطويوا الدكتاتورية ابداً؟
يلدغون من الحجر بدل المرة الواحدة مرات ومرات، ولايؤمنون.
يتلقون الدرس تلو الآخر، ولا يفهمون.
تتهاوى رؤوسهم، وتسقط عروشهم، وتتحطم تماثيلهم، ولا يفهمون.
لم يسلم واحد منهم ابداً، على مر التاريخ، من غضب شعبه، ولا يعون. لماذا؟
هل السبب هو الشهوة الجامحة للسلطة والتسلط، للاثراء والاغتناء والاقتناء؟ ام هو لتنفيذ مصلحة الغير؟
كل دكتاتور في التاريخ الحديث عميل.
لا يوجد دكتاتور واحد في العالم نصبه الشعب على نفسه واختاره بمحض ارادته واراد له ان يتسلط عليه.
هتلر وموسوليني، توليا الزعامة بالانتخاب، كأغلب سلطويوا العرب اليوم، ثم استبدوا ثم انتهوا. وباقي الدكتاتوريين نصبوا على شعوبهم بأيد اجنبية وعند سقوطهم، نفضت هذه الايدي نفسها منهم.
الدكتاتور الذي يقوم على دعم دولة اخرى، حاكم كتب عليه النحس من اليوم الاول لتوليه السلطة رغماً عن رغبة شعبه. فيوم يشارف الغضب الشعب منه درجة الانفجار تتخلى الدولة الداعمة له عنه دون كلمة شكر على خدماته السابقة، وان رأت الدولة الداعمة انه لم يعد يفي بالغرض، وان تسلطه بدأ يهتز، أحلت مكانه دكتاتوراً آخر بعد ان تلقيه في سلة المهملات.
والذين خدموا باخلاص شديد ثم رحلوا، لازمهم النحس بعد رحيلهم:
شاه ايران لم يجد لنفسه ركناً يقضي فيه باقي ايامه في اراضي الولايات المتحدة الامريكية الشاسعة. فرديناند ماركوس، فرضت عليه واشنطن اقامة جبرية في جزيرة تاهيتي، ولاحقته مصلحة الضرائب الامريكية لتقتسم معه ما اغترفه لنفسه من اموال الفيلبين. نغو دينه دييم الذي اهدى فيتنام الجنوبية الى الولايات المتحدة لتصبح مستعمرة لها، ادار محل بقالة في ولاية ميامي. امبراطور جمهورية افريقيا الوسطى، جان بيدل بوكاسا، توقف مصيره على العثور على دولة تقبل نفيه اليها. طيلة سنوات حكمه كان خادماً لفرنسا ومصالحها، وصديقاً شخصياً لرؤوسائها، حكم عليه بالاعدام، وبعد توسلات، قبلت السلطة نفيه، ولم يتقدم احد لايؤائه من بعد ولا حتى فرنسا نفسها.
وغيرهم… وغيرهم… الى العديد من دول دكتاتوريات المصالح الاجنبية. اصبح دكتاتوريوا هذه الدول هائمين على وجه الارض، تستضيفهم دولة وتنبذهم اخرى. وترافقهم لعنة النحس اينما ذهبوا.
وكل عقد يظهر دكتاتور جديد او اكثر تبعاً لاتساع المصالح وتشعبها. وكل عقد يطاح بدكتاتور او اكثر طبقاً لاهواء العرابين او لانتفاضة الشعوب. ولا يبقى مطمئناً سوى من خرج من الشعب، وحكم الشعب، واحبه الشعب.