في خضم التظاهرات الجارية في العراق والتي تتجه بصورة أو أخرى نحو رفض دور ونفوذ نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في العراق فإن هناك ثمة ملاحظة مهمة جدا بخصوص تجربة هذا النظام في مواجهة التظاهرات واالانتفاضات المعادية له خلال الاعوام الماضية، يجب الانتباه إليها جيدا، ذلك إننا شئنا أم أبينا فإن أذرع النظام الايراني في العراق وبصورة أوضح الميليشيات التابعة له، تقوم بإستنساخ وإعادة تطبيق تجارب النظام الايراني في العراق أو حتى إنها تقوم بتطبيق تجارب وطرق جديدة لهذا النظام في العراق خصوصا وإن النظام الايراني بحاجة ماسة لذلك لأن الاوضاع الداخلية لديه تکاد أن تنفجر وهو يريد أن يستعين بطرق واساليب جديدة لمواجهة الشعب الايراني في حالة إندلاع الانتفاضة العارمة بوجهه.
التجارب الاجرامية الخبيثة التي قام النظام الايراني بتنفيذها خلال إنتفاضات أعوام2009 و2017 و 2019، أثبتت بأن النظام الايراني يقوم بإستخدام کل الطرق والاساليب الملتوية وبالغة الخبث من أجل قمع الانتفاضات الشعبية، وعلى سبيل المثال، فإنه وخلال إنتفاضة عام 2009، فقد قام بدس أفراد الباسيج والحرس الثوري بملابس مدنية بين المنتفضين من أجل شق صفوفهم وإشاعة الخوف والرعب بينهم، ونفس الامر قام به في الانتفاضتين الاخريين ولکن ولأن الشعب الايراني هذه المرة کان أذکى من مخططات وألاعيب النظام فإن الاخير لجأ الى طرق إغتيال وإختطاف العناصر الفعالة بغية التأثير السلبي على الانتفاضة، ووإن ماجرى في کربلاء يوم الثلاثاء الماضي، کان من السيناريوهات التي تم وضع خطوطها العريضة في دهاليز وأقبية النظام الايراني، وهنا من المفيد جدا أن نشير بأنه وتعليقا على الاشتباكات التي شهدتها مدينة كربلاء العراقية، الثلاثاء، واتهام عدد من الناشطين عناصر تابعة للتيار الصدري بمهاجمة المشاركين في مسيرات أمس التي أحيت ذكرى شباب سقطوا خلال الاحتجاجات في البلاد، اعتبر مسؤول في كتائب حزب الله في تصريحات نشرت على تليغرام أن ما جرى أعمال تخريبية من مندسين. ولو کان هذا التکلام من جانب أي طرف غير خاضع لتأثير ونفوذ النظام الايراني لکان يٶخذ به ولکنه يعتبر کلاما مشبوها ولأهداف وغايات تعود بنفعها وفي خطها العام للنظام الايراني.
وبنفس السياق، فإن هذا المسٶول نفسه وفي تخوين مشبوه ومرفوض لشبان ومحتجي مدينة الناصرية التي شكلت على مدى الأشهر الماضية عصب الحراك الذي انطلق في البلاد منذ الأول من أكتوبر الماضي ضد الطبقة السياسية، قال أبو علي العسكري: “ما حدث في كربلاء أمس كان مصدره جماعات مندسة تنتسب للناصرية، وهو ما يثبت أن المدينة لا تزال مصادرة من قبل هذه الجماعات”. ودعا أهالي ذي قار إلى تطهير أرضهم من أولئك “الأشرار”، وهذا الکلام کما نرى يسعى للتغطية على أصل المشکلة وإشغال الناس بأمور فرعية هدفها إمتصاص زخم وقوة حراك الرفض ضد الدور والنفوذ الايراني في العراق وکذلك ضد الدور المشبوه لأذرعه ومن بينها حزب الله هذا المعروف بکونه إحدى أدوات وعوامل الفتن الرئيسية في العراق.
الدفاع المشبوه لوجوه تابعة للنظام الايراني عن المتظاهرين العراقيين، هو في الحقيقة ضرب غير مباشر لهم من جانب النظام الايراني من خلال عملائه، وهو يأتي من أجل العمل قبل أن تقع الفأس بالرأس وصبح النظام الايراني وعملائه في فوهة المدفع!