23 ديسمبر، 2024 3:37 م

الدعوة لاستقلال اقليم كردستان الحل الأمثل للعراق

الدعوة لاستقلال اقليم كردستان الحل الأمثل للعراق

الحملة الوطنية لاستقلال اقليم  كردستان – العراق
على مدى عمر الدولة العراقية وتوالي الحكام بمختلف طبيعة حكمهم لم يعن للصلح والحكمة أن يكونا منهجا يحتكم له بين بغداد وقادة الكرد. وعبر حقب عديدة شكل هذا الصراع العقبة الكأداء في استقرار وبناء الهوية الوطنية العراقية. وعلى مسرح الخصومة هذه، سالت الكثير من الدماء وما زالت، وهدرت أموال طائلة، وزيف تأريخ وطن، وعملت المصالح الشخصية والحزبية على إذكاء مشاعر العداء وتغذية الأحقاد بين شعبين جارين محبين للسلام والأمن. وسوف يبقى نزيف الدم ورعب الجرائم والتخوف من الاقتتال السمة الأبرز في هذا الصراع الخفي والمعلن المستمر بين السلطات في بغداد وقادة الأحزاب الكردية مثلما هو مبني على الخلاف بين القوميين العرب وخصومهم بالفطرة من القوميين الكرد. وسوف يذوق الشعبان ويتجرعان مر العذاب والمهانة مع استمرار عقدة التنازع والخصومة ورفع درجة الفرقة بين الشعبين العراقي والكردي في محاولة أثبات الهوية.

جميع لوائح حقوق الإنسان وحقوق الشعوب تذهب إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهذا الحق ضمنته لوائح عديدة صدرت بعد الحرب العالمية الثانية وثبتت بنصوص في مدونات الأمم المتحدة، وفي قراءة لتلك النصوص نجد ما يؤكد  حق الأكراد كشعب له خصوصيته القومية، بتشكيل وطنهم الخاص كشعب بهوية معرفة، ولا يحق لأي كان منعهم من نيل حقهم في الاستقلال وبناء دولتهم القومية، وأن ممانعة البعض ونكرانهم لهذا الحق تضع صاحبها في خانة التعصب القومي والفهم غير الحضاري لمعطيات العصر الحديث وابتعاد كامل عن ضمانات حقوق الإنسان التي نصت عليها الشرائع السماوية ومواثيق الأمم المتحدة التي وقع عليها العراق.

بموازاة انتخابات برلمان إقليم كردستان روج الشاعر الكردي المرحوم شيركو بيكس ومجموعة من مؤازريه لأوراق تصويتية خارج لعبة الانتخابات، حوت تلك الأوراق على فكرة التصويت لاستقلال كردستان العراق. أثر تلك الحملة ظهر أن 95% من المصوتين أيدوا فكرة الاستقلال، أي أن سبر الآراء ذلك أظهر، رغم اقتصاره على بعض المدن الكبرى في كردستان العراق، رغبة حقيقية عند غالبية الشعب الكردي بنيل الاستقلال عن العراق.

ولو نظرنا لطبيعة العلاقة بين السلطة في بغداد وشعب كردستان العراق وقواه السياسية، لوجدنا الكثير مما يضر بالعراق كوطن، ويجعل التوتر لغة سائدة أن كان ذلك على العهد الملكي أو جمهورية قاسم أو عهد صدام أم بعد التغيير عام 2003 ،ولا زال الجدل العقيم وحوار الطرشان والتجاوز على حقوق البعض يغلب طابع تلك العلاقة.

في جردة بسيطة، ونرجو أن لا نتهم بعدها بالتعصب القومي أو المشاركة بإثارة الأحقاد ولكن هناك حقائق لا يمكن إخفائها والتستر عليها، لذا نعتقد بأن استفحال الأزمة وتصاعد حدة الخلاف يأتي أولا من عدم اعتراف الغالبية العربية بحقوق الشعب الكردي ووضعها العراقيل في طريق نيل الكرد لحقوقهم، وهذا ما نناضل من أجله. ونسعى لإبعاد فكرة إخضاع الكرد وجعلهم بالقوة والقسر ضمن جغرافية العراق. وفي ذات الوقت نلاحظ نحن دعاة حقوق الإنسان والشعوب بالاستقلال وحرية الخيار، أن حكومة إقليم كردستان ذات ( الحكم الفدرالي ؟!) لا تجد غضاضة في ثلم حقوق العراق كوطن، حين تضع أدارة إقليم كردستان نفسها بمنأى عن مشاكل باقي مناطق العراق وما يتعرض له المواطن هناك،رغم الإدعاء بالشراكة في إدارة الدولة ووجود العديد من الكرد في مختلف مراكز القوة والقرار في السلطة المركزية.

في وضع يهدد كيان الوطن بشكل مباشر ويماثل في شدته وقسوته عمل الإرهاب اليومي الذي تتعرض له بغداد ومدن عراقية أخرى، باتت مدن الإقليم حاضنة لجميع خصوم الحكومة الاتحادية، لا بل حتى العديد من المجرمين قتلة الشعب العراقي والكردي أيضا، من البعثيين وعملاء ومرتزقة صدام و دول الخارج. لا بل وصل الحال ليكون الإقليم ملاذا لكل من هو مطلوب للمحاكم في محافظات العراق من سراق المال العام والخاص أو مقترفي الجنايات مثل القتل والاغتصاب والنهب والتزوير،منهم من هو متهم باقتراف أفعال مشينة ومخلة بالشرف. حيث توفر  سلطة الإقليم ملاذا وعيشا آمناً وتمتنع عن تنفيذ دعوى وقرارات المحاكم الاتحادية وتسمح ببيع وشراء المواد المنهوبة ووصل الأمر إلى السماح لهؤلاء بتوظيف تلك الأموال في البنوك الإقليم أو استثمارها في المشاريع، وإن دل هذا على شيء فهو يعبر عن حقد حكومة كردستان واسترخاصها لحياة العراقيين واستهزاءها بالسلطة الحاكمة وشركائهم في العملية السياسية في بغداد.

 أما العلاقة الاقتصادية، فموضوعاتها أصبحت واحدة من أكثر المشاكل إثارة للأحقاد ورفع درجة الخصومة بين أبناء الشعبين، قبل أن تكون مثار صراع بين سياسيي الكرد والسلطة الاتحادية. فاليوم  نجد حكومة كردستان تمتنع عن تمويل خزينة الدولة العراقية بما يدر على الإقليم من واردات جراء استخراج النفط  وغيره من خيرات داخلية أو واردات الكمارك مع جيران الإقليم، في الوقت الذي تمنح الحكومة الاتحادية سلطة الإقليم 17% من عائدات موارد الدولة العراقية، وهذه النسبة تأتي من وعلى حساب باقي محافظات العراق وبالذات من أنتاج النفط في البصرة وغيرها. ورغم الاتفاق الأخير الذي عقده وزير النفط عادل عبد المهدي مع الإقليم، فمازال الإقليم يماطل في التنفيذ ويقدم شروطه التعجيزية ويستمر في عمليات تسويق النفط عبر منافذ عديدة مع دول الجوار دون علم وزارة النفط الاتحادية وبعيدا عن تنفيذ الاتفاق. ووصل الأمر لحدود تجهيز أعداء العراق بتلك المنتجات. وفي الوقت ذاته يطالب الإقليم من الحكومة العراقية، دفع مستحقات الشركات العاملة على استخراج النفط في الإقليم.

أيضا تحرم سلطات إقليم كردستان دخول الجيش العراقي لأراضي الإقليم وتعتبر البيشمركه البديل عنه في حماية الحدود والسيطرة على الإقليم، ويمنح البيشمركه رواتب ومخصصات ومبالغ تسليح من خزينة الدولة العراقية ومن خارج حصة الـ 17 % الممنوحة للإقليم،. كذلك تقنن سلطات الإقليم حرية دخول مواطني العراق إلى الإقليم دون حضور كفيل يضمن وجودهم هناك.

بعد تحرير العراق من الاحتلال البعثي الصدامي ،روج من قبل القوميين الأكراد مفهوم جديد يصنف وجود الكرد في بعض المناطق خارج إقليم كردستان، على أنهم قاطنون في أراض متنازع عليها مع العراق، وكلمة متنازع عليها تعني عند القوميين الأكراد ضرورة خوض حرب شعواء ضد العراق العربي، لانتزاع تلك الأراضي قسرا أن أحتاج الأمر لحرب. وهم في هذا على يقين بأن النتيجة وفي جميع الاحتمالات هي خسارة العراق العربي لهذه الحرب، جراء ضعف وتشتت القرار الجمعي وبسبب الهوان الذي أصاب السلطة في بغداد وتمكن الكرد من الاستيلاء على أسلحة ومعدات الجيش العراقي السابق والحالي كلما سنحت لهم الفرصة بذلك، وهذا ما شاهدناه بعد التغيير عام 2003 وأيضا هزيمة الجيش العراقي في الموصل يوم 10 حزيران 2014  ،واستمرارهم في بناء ترسانتهم العسكرية وممانعتهم القوية والحازمة في إعادة تسليح الجيش العراقي. وقد احتلت تلك الأراضي أثناء وبعد دخول داعش لمدينة الموصل وصلاح الدين ولم يجد الأكراد من الحكومة المركزية غير الضعف والتردد.

كل ذلك وغيره الكثير يفتح الطريق لضرورة إحقاق حقوق جميع الأطراف دون تشابك في طبيعة وتركيبة الأحداث بين كردستان بمحافظاتها الثلاث والعراق العربي بمجوع محافظاته.  ومما سلف وغيره فأن ذلك يدعو إلى وضع حد لهذا التداخل والتخبط والإضرار بالحقوق، وفك الارتباط والتشابك بالمسؤوليات وإعطاء كل ذي حق حقه. لذا يفترض بعقلاء القوم في العراق وفي كردستان الأخذ بمبادرة سلمية تنهي تلك العلاقة المشوهة التي تربك الطرفين وتدفع بهم إلى وضع هش متهاو ومؤلم تتصاعد فيه بين الحين والأخر مشاكل عصية بين الشعبين الجارين، تراكم حالة الاحتقان والخوف من حرب قادمة سوف لايخرج فيها المنتصر رابحا مهما كانت النتائج فالحرب جريمة مهما أطلق عليها من تسميات.

لذا نطالب بأن تكون هناك حملة وطنية يشارك فيها جميع من يريد أن يسود السلم والأمن المنطقة برمتها والعراق وكردستان بالذات. على أن ترفع نتائج هذه الحملة لجميع ذوي المسؤولية عند الطرفين العراقي والكردي، للمطالبة بتشكيل لجنة قانونية، من مختصين بمختلف المجالات، وبالذات منها الحقوقية والجغرافية والإنسانية، تشرك فيها أطراف محايدة إقليمية ودولية ليس بينها أمريكا وبريطانيا، تقوم هذه اللجنة بأعداد هيكلة وخطة طريق تبدأ بإعلان استقلال إقليم كردستان العراق بمحافظاته الثلاث السليمانية واربيل ودهوك بحدودها الحالية، وانفكاك ارتباطها السياسي والجغرافي كليا بالعراق، على أن توصي اللجنة الدول الكبرى بالوقوف بجانب جمهورية كردستان الجنوبية، وتقديم مستلزمات العون لها، لتسيير شؤون الدولة الحديثة، وأن يقر العراق تقديم يد العون المادي والمعنوي لهذه الدولة الفتية بما يسد حاجتها ولمدة ثلاث سنوات قادمة. وأن تضع اللجنة أطر قانونية لإحالة فقط المناطق التي يقطنها الأكراد خارج حدود المحافظات الثلاث والمسماة ( بالمناطق المتنازع عليها ) إلى محاكم دولية تنظر في وضعها السكاني وفق الخرائط الدولية وإحصائية السكان لعام 1957 وفي حدودها الجغرافية ومن ثم تحديد عائديتها الوطنية.

أن مثل هذا الحل سوف يجعل العراق وكردستان منطقتين مستقرتين بعيدا عن شرور النزاعات والخصومة المستديمة، وينصف الجميع وهذا المقترح يمثل الحل الأمثل حتى بالنسبة للإقليم على المدى القريب والبعيد وجعل الحلم بدولة كردية واقعا معاشا.

من هذا فنحن ندعو جميع أبناء العراق للوقوف وراء هذا المقترح وأيضا ندعو الكرد في كردستان الجنوبية لمساندة المشروع، ونرجو أن تكون هناك لجنة أو مؤسسة تتبنى مثل هذا المشروع ليخرج إلى النور وتبدأ الحملة الوطنية من أجل استقلال كردستان وانفصالها عن العراق.

 إطفاء نار الضغائن والأحقاد يأتي من وجود عقول نيرة تصنع القرار بالحكمة والفطنة وحب السلام ومشاعر الأخوة الإنسانية. لتؤمن حياة شعوبها وتضمن لها الأمان والاستقرار والسعادة، بعيدا عن لغة الترهيب والتهديد وتبادل الطعون والاستغفال والخديعة .