23 ديسمبر، 2024 12:50 م

الدعم الذي تقدمه الدولة، والذي يقدر بمليارات الدولارات، على مختلف الصعد، لا يستفيد منه المواطن ذو الدخل المحدود، ذلك لأنه وبكل وضوح لا يستطيع أن ينفق بقدر ما ينفقه المواطن ذو الدخل العالي، ونحن هنا نتكلم عن الدعم في قطاعات الكهرباء والنفط، فقد سبق وتحدثنا عن الدعم في قطاع الماء والذي تجاوز المليار دولار.
صفة الغباء على الدعم، لا تعني أن القائمين على التخطيط في الحكومة لا يفقهون شيئا في الاقتصاد، بل لأن الدولة ومنذ أيام النظام السابق كانت تدعم المواطن في كل شيء، فأنتجت مواطنا مستهلكا.
في قطاع الكهرباء يصل الدعم الحكومي الى مبلغ يقارب ال5 مليار دولار سنويا، في الوقت الذي تبيع الكهرباء بمبلغ زهيد لا يتجاوز ال10 دنانير للوحدة الواحدة، ولأن المواطن ذو الدخل المحدود ليس لديه الإمكانية على البذخ كما يفعل الغني، فهو لا يستفيد من هذا الدعم، في حين أن الغني ترى منزله ممتلئ بالمكيفات والأدوات الكهربائية، والتي تسحب كهرباء بقدر ما تسحبه أربع أو حتى خمس عوائل محدودة الدخل.
يعترض بعض المسؤولين على التسعيرة الجديدة للكهرباء، لأنهم سيتضررون منها، فحاولت أبواقهم تصوير الأمر بأنه ضغط على أصحاب الدخول المحدودة، ووصلت رسالة خاطئة للأخير، بما جعله يقف بالضد منها، وحتى المرجعية الدينية عندما إعترضت، فهي لم تعترض على أصل القرار، بل إنها إعترضت للتوقيت ليس إلا.
فلو إفترضنا أن الدعم الذي يمثل مبلغ يتجاوز ال 6 ترليون دينار عراقي، بدلا من أن تصرفه الدولة على قطاع الكهرباء، وقامت بتوزيعه على شبكة الحماية الاجتماعية، عندها سنرى كيف يستفيد منها المواطن، وكذلك الحكومة عندما تقوم بتحصيل أجور الكهرباء من جميع المواطنين.
في قطاع النفط، تقدم الحكومة دعما للوقود بما لا يقل عن 3 مليار دولار، وهنا نرى غالبية العراقيين لديهم سيارات، بعض تلك السيارات لا يتجاوز سعرها العشرة مليون دينار، وبعضها يزيد سعرها على مئة مليون دينار، كثير من أصحاب السيارات الأولى يتخذها كوسيلة لنقل المواطنين من مكان لأخر، ليعيل عائلته من خلال عمل شريف.
لذلك فإن الحل يكمن في البطاقة الوقودية الذكية لجميع السيارات، بحيث يتم منح سيارات النقل العام والتاكسي، حصة من البانزين والكاز يوميا، وبالسعر المدعوم، منح أصحاب السيارات الخاصة، حصة شهرية بالسعر المدعوم أيضا، وما زاد عن هذا يتم بيعه لهم بالسعر التجاري، وفي هذا ليس تجني على أحد، فنحن نرى أصاب تلك السيارات الفارهة يلبسون أحسن الثياب ويدخلون أفخم الأماكن، ويبذخون أموالهم وهم يقطعون مئات الكيلومترات بسياراتهم بالوقود المدعوم، فلماذا لا يصرفون أيضا على شراء الوقود بالسعر التجاري؟
إن فكرة البطاقة الوقودية الذكية، لا تعني تحديد كمية الوقود المستخدمة، بل الى إيقاف الدعم غير المبرر لفئات غنية من الشعب على حساب ذوي الدخل المحدود.