22 ديسمبر، 2024 10:17 م

كثيرا ما نرى كلام المرشحين الفائزين، يختلف عن كلامهم أثناء حملاتهم الإنتخابية، حيث نسمعهم يتحدثون عن حقوق المواطن وظلم الحكومة التي لا تمنح المواطن حقوقه التي نص عليها الدستور، وبالطبع المواطن ينجر الى هذا الكلام الذي يسلب اللب، ويمنح المرشح صوته ليفوز بمقعد في مجلس النواب، وقد يحالفه الحظ ليكون وزيرا في واحدة من الوزارات المخصصة لكتلته وطائفته.
لسنا ضد أن يستخدم المرشح خطابا سياسيا، يمكنه من الفوز، لكننا أيضا ضد إستخدام مظلومية المواطن للفوز وبعد ذلك يدير ظهره له، بعد أن ضمن فوزه، فهو أكثر من العيب؛ فهو العار بعينه.
نعلم بأن المسؤول ليس (طرزان) يستطيع فعل المستحيل، فهو محكوم بسلسلة من القوانين والأحكام التي تكبله، فلا يستطيع أن يفعل شيئا إلا في حدود المكان الذي يستطيع الحركة فيه، لكننا في ذات الوقت نتمنى على المسؤول، أن يعمل على إيصال صوت المواطن الذي حمله الى قبة البرلمان؛ لينصفه من واقعه المرير الذي يعيشه.
من صور الواقع المرير التي يعيشها المواطن، هو ضعف الخدمات المقدمة له، مع ما يسمعه من أرقام فلكية ترصد لتوفير هذه الخدمات، الأمر الذي يؤشر مسألة مهمة ألا وهي، أن هناك قصور وسوء تخطيط في توفير الخدمات؛ إذا ما افترضنا حسن النية لدى القائمين على تقديم تلك الخدمات.
الماء، تلك النعمة التي أنعم بها الله علينا، حيث حبانا سبحانه وتعالى بنهرين، هما أعذب نهرين في العالم، نلاحظ أن أمانة بغداد تنتج بحدود 3 مليون متر مكعب يوميا، وحاجة العاصمة الى أبعد نقطة فيها تبلغ 1,7مليون متر مكعب يوميا، الأمر الذي يعني وجود فائض في الإنتاج يصل الى 1,3مليون متر مكعب يوميا؛ لكن مع هذا نلاحظ شحة في المياه في أكثر الضواحي البعيدة عن مركز المدينة، وهذا يعود لأسباب عديدة.
السبب الأول لهذه الشحة، هو هدر المياه من قبل قلة من المواطنين، والذين يقومون بغسل سياراتهم في الشوارع العامة، وأمام بيوتهم بالماء المخصص أساسا للشرب، لا أريد سرد بقية الأسباب، وذلك لتوضيح هذا السبب، فالمواطن الذي يغسل سيارته بالماء الصالح للشرب، لكون الماء قريب منه، ولرخص سعره، فسعر المتر المكعب الذي يدفعه للدولة لا يتجاوز السبعة دنانير، في الوقت الذي يكلف الدولة أربعة ألاف دينار، وبحسبة بسيطة للماء المهدور (1,3) مليون متر مكعب، سنجد أن الدولة تصرف مبلغ يقدر ب 1,5مليار دولار سنويا، لكي يقوم أصحاب السيارات بغسل سيارتهم في الشوارع والأزقة، والتي ستحتاج بعد فترة من الزمن الى إعادة تأهيل بسبب الماء المتجمع، وكذلك المجاري التي إمتلأت بالأوساخ من جراء فضلات الغسل التي تنزل الى تلك المجاري، أما المواطن البسيط، فلن تراه يهدر مثل تلك الكمية من الماء، لأنه يستهلك الكمية التي يحتاجها أصلا في حياته اليومية.
من هنا فإن الأولى أن تقوم الدولة برفع الدعم عن هكذا خدمات، مع الأخذ بنظر الإعتبار الإهتمام بأمور تقدم خدمة حقيقية للمواطن، فيكفي أن تقوم الدولة بممارسة دور الداعم لهذه الخدمات، والتي يستفيد منها الغني والذي يزداد (كرشه) إمتلاءا، والعكس بالنسبة للفقير، فهذا الدعم الغبي لن يستفيد منه الفقير، لمحدودية قدرته الإستهلاكية، فعلى الدولة هنا التفكير بطريقة تحد من هذا الهدر الذي في غير محله.
ولنا كلام أخر في بقية الخدمات المقدمة للمواطن.