دول عربية عامت على سطح التضامن العربي لتكون هي الوحيدة التي أصبحت طوق النجاة الذي استخدمه الكيان الإسرائيلي في معركته الحاسمة والوشيكة النصر داخل الأمم المتحدة.
هكذا صوتت أربع دول عربية لم تعلن عن هويتها لفوز إسرائيل باللجنة القانونية من اللجان الست داخل الأمم المتحدة، لتصبح نقطة مهمة للنفوذ الإسرائيلي داخل الأمم المتحدة الذي لم يستطع الظفر بها منذ عام 1949م، فعار وخزي على العرب الذين أتاحوا الفرصة لأكبر منتهكي القانون الدولي أن يترأسوا اللجنة القانونية بالأمم المتحدة، ربما يرجح البعض أن إسرائيل هي بالكاد ناجحة باعتبار أنها حصلت على 109، من إجمالي 193 دولة عضو بالمنظمة، ومن ثم فإن تلك الأصوات العربية ليست إلا تحصيل حاصل وليست الأساس في فوز الجانب الصهيوني، ومن ثم نتساءل لم كان التصويت إذن؟
نعلم أن النفوذ والقوة الإسرائيلية قد طالت أواصر العالم العربي، ولكن لم نكن نعلم أنها وصلت إلى انتزاع الصوت العربي الذي أصبح لا يمتلك غيره، فما هو السبب وراء تصويت تلك الدول لصالح الكيان الصهيوني داخل أروقة الأمم المتحدة ليحتل رئاسة أحد اللجان الهامة داخل المنظمة، فلا أوافق البعض بأن مهام تلك اللجنة رمزية بشكل لا يدعى القلق من رئاسىة اسرائيل لها، لأني أعلم جيدًا أن كل لجنة داخل منظمة الأمم المتحدة لها دور كبير في تحريك مسار القرارات على الصعيد الدولي، والذي يتحكم في مصير معظم دول العالم، التي ترزح تحت قرارات أكبر منظمة عالمية.
فعلى من تضحك الأمم المتحدة التي تمثل نفسها أكبر منظمة عالمية تسعى لإحلال السلم والأمن الدوليين، وبم تتذرع تلك المنظمة التي تديرها قوة غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تقضي على الأخضر واليابس في العالم العربي فقط لأمن اسرائيل وتعاظم نفوذها في الشرق الأوسط، فأي قانون تطبقه الأمم المتحدة وهي تحوي بين أروقتها أكبر كيان منتهك لها كمنظمة وللقانون الدولي عامة والأعراف الدولية باحتلالها أرضًا عربية منذ احتلالها الأراضي الفلسطينية عام 1948، وممارستها انتهاكات حقوق الانسان ضد شعب أعزل ، والذي قدر بأكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين، وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة فقط، مع امتداد تلك المجازر والمذابح على مر الأعوام حتى يومنا هذا والتي كانت أكثر شدة وضراوة عن سابقتها، كما قامت بتشتيته في أرجاء العالم جراء ممارسات عمليات الإبادة الجماعية والتهجير القسري منذ أن وطئت قدمها أرض فلسطين، فعن أي قانون تترأس، وصدق عندما قال الكاتب والسياسي الدكتور حسن نافعة ” أن هذا الفوز يعد انتصارًا للدبلوماسية الإسرائيلية، لكنه ينتقص في الوقت نفسه من هيبة ومكانة الأمم المتحدة ويجعلها مجرد أضحوكة”.
لذلك لا بد أن نعي جيدًا كيف انتهكت اسرائيل القانون الدولي منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية حتى الآن ومازالت.
من المتعارف عليه أنه لكي تكون هناك دولة معترف بها طبقا للقانون الدولي لابد أن تمثل شعبا كاملا وإقليم يقطنه هذا الشعب، وحكومة لها حق الدخول في علاقات دولية مع العالم الخارجي، وهذه المبادئ الأساسية الأربعة لم تكن متوفرة بأي حال من الأحوال في الكيان الاسرائيلي منذ احتلاله للاراضي الفلسطينية ، وكان العكس بالنسبة لفلسطين ، فقد كان الشعب الاسرائيلي متفرق في جميع انحاء العالم وعدد سكانه لا يتجاوز بضعة ألاف وليس لديه اقليمًا يقطنه في مقابل الشعب الفلسطيني الذي كان يمثل أغلبية بواقع 1.4 مليون فلسطيني عام 1948 ويقطن أرضًا ولديه حكومة تمثله بعد استقلاله عن الدولة العثمانية، وبعيدًا عن سرد أحداثًا تاريخية، فقد استطاعت اسرائيل بما ينتهك للأعراف الدولية والقانون الدولي أن تحتل أرضًا عربية بما يخالف القرار رقم 1514 لعام 1960 والخاص بتصفية الاستعمار للشعوب المستعمرة والمتضطهدة، كما أنها مارست تفرقة عنصرية بما يتنافي مع القانون الدولي لمنهاضة العنصرية، وبالرغم من ذلك استطاعت أن تكون عضوا في الأمم المتحدة خاصة في لجنة انهاء الاستعمار، لتأتي بعدها ترأسها للجنة القانونية، بالرغم من عدم وجود أي شروط لقيامها كدولة فضلًا وضعها عالميًا باعتبارها الكيان الوحيد الذي يطلق عليه محتل في العصر الحديث منذ تصفية الاستعمار .
لتأتي الصفعة الكبرى التي صفعتها الدول العربيه لنفسها عندما دعمت هذا الكيان المحتل وجعلته يتجذر داخل الأراضي العربية ليصول ويجول وينتهك حقوق الانسان كما يريد دون رادع، وذلك نتيجة الوهن والضعف الذي أصاب العرب ووحدتهم الوطنية ليتجرعوا مرارة الفشل في أي خطوة للأمام لتكون دائما على حساب الشعوب العربية التي تقع ضحية نتيجة الممارسات العقيمة من الساسة صناع قرارها ونخبهم الذين يتخذون سياسات تتلائم مع مصالحهم وأهدافهم دون مراعاة الوحدة العربية والكيان العربي الذي أصبح مفتتًا نتيجة الممارسات العقيمة والتشتت وعدم وجود الرؤية الاستراتيجية التي تخدم القضية الفلسطينية، فهناك مصالح ظاهرة وباطنة متعددة للأسف أصبحت هي التي تحكم العلاقة بين اسرائيل والعديد من الدول العربية استطاع على إثرها أن يحكم قبضته ويتسع نفوذه داخل الشرق الأوسط لتصبح العديد من الدول العربية نتيجة مصالحها مع هذا الكيان المحتل دمية يتلاعب بها الأخير، ويستفيد منها وقت الاحتياج وهو ماحدث بالفعل مع تصويت تلك الدول الأربعة لصالح إسرائيل، ليصبح هذا الإجراء بمثابة خزي وعار للعرب أجمع، الذي حلمت شعوبه بشمس الحرية، والتخلص من مرارة القهر، ورجوع الأرض المقدسة لأحضان الأمة العربية، فخزي وعار عليكم ما اقترفتموه في حقنا وحق قدسنا .