التكرار يعطي الحقيقة مصداقية اكثر بغض النظر عن كونها حقيقة او زيف. ويعد فهم هذا الامر بمثابة طوق النجاة من خطر الدعاية
( عالم النفس توم ستافورد)
1-“ان تكرار الكذبة بما يكفي يجعل منها حقيقة بغض النظر اذا كانت حقيقة او لا” هذا هو قانون النازية الاعلامي الذي وضعه كوبلز. وزير اعلام هتلر ويدور حاليا بين علماء علم النفس شيء من هذا القبيل يعرف ب عامل “وهم الحقيقة” واليكم هذه التجربة التي اجريت على مجموعة من الاشخاص حول هذا الموضوع: اعطيت لهؤلاء الاشخاص قائمة تحتوي على مجموعة من الامور التي لا تصدق. فبعضهم صدق ان : سمك القريدس هو اجاص مجفف . فيما لم يصدق اخرون مثال مشابه وهو ” ان التمر هو اجاص مجفف”
2-وبعد فترة استراحة دامت دقائق او اسابيع اعيد ت التجربة على المشاركين ولكن هذه المرة غيرت بعض الاسئلة وبقيت بعضها على حالها. ما تم التوصل اليه بشكل رئيسي هو ان الأشياء التي رجحوا تصديقها من قبل بقيت على حالها بغض النظر عن كونها حقيقة او كذب وكما يبدو ان السبب في ذلك لأنها شيء مألوف
3-وثبت بالتجربة ان التكرار غالبا ما يؤدي الى اضفاء مصداقية على الامر المكرر . واذا ما نظر المرء الى ما حوله يتبين له ان كل الذين من حواليه من المستشارين والسياسيين يستغلون نقطة الضعف النفسية هذه عند البشر
4-ولكن ما تم التوصل اليه في المختبر هو ان التكرار ليس بالضرورة امر مهم يؤثر على عقائد الناس في الواقع . فاذا استطاع المرء تحويل الكذب الى حقيقة بالتكرار فليس هناك حاجة لكل اساليب الاقناع الاخرى
5-تعتبر المعرفة المسبقة من احد العوائق في تصديق الكذبة . فمن المعروف انه حتى اذا بدت الكذبة معقولة لا يستوجب ان يترك المرء ما يعرفه جانبا ويصدق ما يسمعه مرارا وتكرارا من اكاذيب .
6-مؤخرا اجرى فريق من جامعة فاندربليت اختبار حول تأثير وهم الحقيقة وتفاعله مع المعرفة المسبقة بالأشياء . أي هل يؤثر ذلك على المعرفة المتوفرة لدى المرء؟ تم الاختبار بوضع اسئلة الى المستجوبين وامام كل سؤال وضع عبارتي (صحيح… غير صحيح) ولكن ايضا جعلوا كل سؤال من شطرين طبقا الى مدى احتمال معرفة المستجوب المسبقة بالأمر فمثلا
المحيط الهادئ اكبر محيط على الكرة الارضية (صحيح غير صحيح)
المحيط الاطلسي اكبر محيط على الكرة الارضية (صحيح غير صحيح)
الشطر الاول من السؤال صحيح والشطر الثاني هناك احتمال ان يعرفه المستجوب
7-فتبين لهم ان قوة و تأثير وهم الحقيقة بالنسبة للأمور المعروفة تساوي قوة و تأثير وهم الحقيقة للأمور غير المعروفة وهذا ما يدل كما يقولون على ان المعرفة المسبقة لا تمنع التكرار من التأثير في جعل المرء يقبل او يصدق ما يطرح عليه
8-ولتغطية كل الحالات وجعل العمل شامل انجز الفريق اعلاه دراستين الاولى دراسة طلبوا فيها من المستجوبين اعطاء درجات من 1-6لتبين مقدار صحة بعض البيانات واخرى ان يبينوا مدى صحة او عدم صحة البيانات بكلمتي ” صحيح” او “خطأ” . حصل التكرار على مقدار 6 كما ادى التكرار الى زيادة عدد حالات الصح كما جعل التكرار البيانات حول كونها حقيقة ام خيال معروفة ام غير معروفة تحظى بمصداقية اكبر من طرف المستجوبين
9-في البداية بدا الامر خبرا غير سارة للعقلانية الانسانية ولكن لا يمكننا تجاوز مسالة الارقام الحقيقية في علم النفس
10-وما اكتشفه الفريق حقا ان اكبر تأثير على الحكم بكون البيانات حقيقية هو كونها في الواقع حقيقة. وعامل التكرار لم يستطع اخفاء تلك الحقيقة. بالتكرار او بدون التكرار لايزال الناس يرجحون تصديق الوقائع الحقيقية ويفرقون بينها وبين الاكاذيب
11-و يوضح لنا هذا شيء اساسي حول كيفية تكييف عقائدنا — للتكرار قوة تجعل الاشياء تبدو اكثر مصداقية حتى احيانا حينما تكون معرفتنا مختلفة ولكنه لا يطغى على تلك المعرفة
12-ويجب ان يكون السؤال التالي لماذا هذا الاحتمال والجواب هو يتعلق بالجهد المطلوب لنكون منطقين بشكل صارم مع كل معلومة نسمعها. اذا كل مرة يسمع المرء شيء عليه تقييمه مع كل شيء كان يعرفه من قبل فمثلا عند العشاء نرى المرء لايزال يقارن و يفكر حول الفطور ولان المرء مطلوب منه اصدار احكاما سريعة فعليه المقارنة بما يتذكر ( أي الاستناد الى اسلوب القياس)—الاستدلال بالمشابه الاقرب الى الحقيقة من الكذب. ومن الاستراتيجيات المتبعة هو الاعتماد على تكرار سماع الشيء لإصدار الاحكام لتحديد مدى المصداقية . وهذه الاستراتيجية متبعة في أي بيئة تتكرر فيها الحقيقة اكثر من الاكاذيب حتى لو كانت النسبة 51 مقابل 49
اذا كان التكرار الشيء الوحيد الذي يؤثر على عقائدنا فهذه مشكلة ولكن ليس الامر كذلك. فلكل -13ولكن علينا الادراك ان هذه القوى محدودة . وعقولنا فريسة لعامل والتحليلقوى كبيرة للتعليل انسانوهم الحقيقة لان غريزتنا عليها الاعتماد على القياس في اصدار الاحكام على معقولية الاشياء وغالبا ما ننجح في ذلك ولكن بعض الاحيان الاعتماد على القياس امر خداع
14-وحالما نكتشف عامل وهم الحقيقة نحاول الاحتراس. ويتمثل جزء من هذا الاحتراس في تدقيقنا لأسباب تصديق ما نفعل . فمثلا اذا شيء ما بدا معقول….. هل لأنه حقا صدق او ان اخرين مجرد قالوا لنا ذلك مرارا وتكرارا فعلينا توخي الاحتراس . لهذا السبب يغضب الباحثين عندما يطلب منهم ذكر مصادر بحوثهم لكن نتعقب نتابع مصداقية اقوالهم بدل التسليم بصحتها
15-ولكن جزء من الاحتراس من وهم الحقيقة هو الالتزام الذي يفرض علينا التوقف عن تكرار الاكاذيب . نحن نعيش في عالم اصبحت فيه الحقائق مهمة ويجب ان تكون كذلك . فاذا المرء بدأ بتكرار الاشياء دون تكليف نفسه العناء لتدقيق مصداقيتها فانه يساعد في خلق عالم لا يمكن التمييز فيه بين الحقائق والاكاذيب. لذك يتوجب علينا التفكير قبل تكرار الاشياء.
ترجمة بتصرف عن الbbc